للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

على الرملة والقدس- فنزل زُغَر، فمات بها في صفر، ثُمَّ حُمِل إلى القدس ميتًا، فدُفن بمقابرِ الأنبياء، عند باب أريحا، بقرب يحيى بن زكريا ، ولم يَعلم به أحد.

وتوفِّي وأصحابُه بالقدس أكثرُ من عشرين ألفًا على التقشُف والتعبُّد، ولهم رباطٌ يجتمعون إليه، ويظهرونَ النسك.

وكان نصر بن إبراهيم المقدسيّ ينكرُ عليهم ويقول: ظاهرٌ حسن وباطن قبيح. وكان بالقدس رجلٌ يقال له: هجَّام يحبُّ الكَرَّاميَّة، ويحسنُ الظنَّ بهم، فنهاه الفقيه نصر، فقال: إنَّما لي ما ظهر منهم، فلمَّا كان بعدَ ليالي رأى هجَّام في منامه كأنَّه اجتازَ برباطهم، وقد نبتَ النرجسُ في حيطانِه، فمدَّ يده ليأخذَ منه باقةَ نرجس، فوجدَ أصولَه في العَذِرَة، فقصَّ رؤياه على الفقيه نصر، فقال: هذا تصديقُ ما قلت لك: ظاهرُهم حسن، وباطنُهم خبيث (١).

قال المصنِّف : وأصحابُ ابن كرَّام اليوم بسجستان وخراسان، منهم خلقٌ كثير، ولهم معبدٌ رائد، ولهم مقالاتٌ في التشبيه والحلول (٢).

مُعَلَّى بن أيوب

أبو العلاء الكاتب، وهو ابن خالة الفضل والحسن بن سَهْل.

وكتب للحسن بن سهل ثم للمأمون ثم للمتوكِّل، وكان عفيفًا، وإليه المظالم.

وقال معلَّى: [حدثني أحمد بن صالح بن أبي فنن الشاعر قال:] (٣) كان محمدُ بن يزيد بن مَزْيد الشيباني أجودَ بني آدم في عصره، لا يردُّ طالبًا من حاجة، فإن كانت عنده دفعها، وإن لم تكن عنده لم يقل: لا، ولكنه يَعِدُ، ثمَّ يستدينُ وينجزُ وعدَه، وأنشدني أحمد بن صالح بن أبي فنن فيه: [من الكامل]

عشقَ المكارمَ فهو مشتغلٌ بها … والمكرماتُ قليلةُ العشَّاقِ

وأقام سوقًا للثناء ولم يكن … سوقُ [الثناء يعدُّ] (٤) في الأسواق


(١) تاريخ دمشق ٦٤/ ١٩٣.
(٢) قال الذهبي في السير ١١/ ٥٢٤: وكانت الكرَّامية كثيرين بخراسان، ولهم تصانيف، ثم قلُّوا وتلاشوا.
(٣) ما بين حاصرتين من تاريخ دمشق ١٧/ ١٨ (مخطوط).
(٤) ما بين حاصرتين من تاريخ دمشق ١٧/ ١٨، ومكانها في (خ) و (ف) بياض.