للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فَصل في الحوادِث التي كَانَت بَيَن نُوح والخليل

منها: قصَّة الضَّحَّاك (١)

واختلفوا في نسبه، فقال قوم: هو ابن الأهبوب. وقال الآخرون: ابن علوان، وقيل: ابن عبيد بن عويج، وهو الذي قتل الملك جم شيد، ويقال: إن نُوحًا بعث إليه وإلى قومه فخالفوه، فأهلكهم الله تعالى بالطُّوفان.

والأصحّ أنه كان بعد نوح، واسمه بيوراسب.

واليمن تزعم أنه منها، وأنّه ولَّى أخاه سنانًا مصر، وهو أول الفراعنة.

وأمَّا الفرس فينسبون الضحَّاك إلى جيومرت. وكان مقام الضحاك ببابل، وكان فاجرًا ساحرًا، ذكره جدي في "أعمار الأعيان" وقال: عاش ألف سنة (٢).

وقال وهب: ملك الدنيا. وهو بيوراسب -بتقديم الراء على الألف- وهو أوَّل من وضع العشور وضرب الدراهم والدنانير على غير سكَّة آدم وغير شريعته. وقد ذكره أبو تمَّام الطائي فقال (٣): [من الكامل]

بَلْ كان كالضَّحَّاك في سَطَواتِه … بالعالمينَ وأنتَ إفريدُونُ

يعني: أن أفريدون قتل الضَّحَّاك.

وكان أفريدون من ولد الملك جَم شيد الذي نشره الضحَّاك بالمنشار. والعرب تزعم أنَّ الضحَّاك لم يكن من ولد الملوك وإنما المُلْك في ولد أوشهنج وجَم شيد وطَهمورث. وكان الضحَّاك غاصبًا، وكرهه الناس لسوء سيرته، وكان أفريدون الملك من ولد جَم قد ترعرع فاستعدَّ لقتال الضحَّاك.

وقال ابن مسكويه: كان على كتفيِّ الضحَّاك سلعتان يحرِّكهما إذا شاء، وادَّعى أنهما


(١) انظر في قصته: "تاريخ الطبري" ١/ ١٩٤، و"تجارب الأمم" ١/ ٨، و"المنتظم" ١/ ٢٤٤، و"الكامل" ١/ ٥٨.
(٢) "أعمار الأعيان" ص ١٢٨.
(٣) البيت في "ديوانه" ٣/ ٣٢١.