للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ظهرت له الفرصةُ، فعَبَر يومًا في زَبازِبه وسفنه، وصَعِد إلى معسكر أبي غالب، وهجم عليه، فانهزم أبو غالب بين يديه، وكاد يتمِّم الهزيمة، فشجَّعه بعضُ الدَّيلم، فتراجع، وحملَ على ابن واصل، فانهزمَ مع حسان إلى البريَّة، ودخل أبو غالب البصرة، فاستولى عليها وعلى أموال ابنِ واصل وأسبابه، وكتب إلى بهاء الدولة بالفتح، وجاء بهاء الدولة فدخل البصرة في السنة الآتية.

و [فيها] حجَّ بالناس محمَّد بن محمَّد بن عمر العلوي، وخطب بمكة والمدينة للحاكم على [جاري] العادة، وأمر الناس بالحرمين بالقيام عند ذِكْره (١)، وكذا كانت عادتهم بمصر والشام، وكان إذا ذكر بالمجالس الجامعة والأسواق [والطرقات] سجدوا له [من قوة هيبته].

وفيها توفِّي

إسماعيل بن أحمد (٢)

ابن إبراهيم بن إسماعيل، أبو سعد، الجُرْجاني، كان عالمًا بفنون علم الحديث والفقه والعربية، وكان جوادًا سخيًّا، له تفضيلٌ على أهل العلم، وورعٌ ورياسةٌ باقيةٌ في ولده وأهل بيته، قدم بغداد غيرَ مرَّة، وعقد له مجلس المناظرة، وحضره أبو الطَّيب الطبري وأبو حامد الإسفراييني، فكتب أبو سعد إلى المعافى بن زكريا يسأله الحضور، وكان فيما كتب إليه: [من الطويل]

إذا أكرمَ القاضي الجليلُ وليَّهُ … وصاحبَهُ ألفاهُ للشُّكرِ مَوْضِعا

ولي حاجَةٌ يأتي بُنَيَّ بذِكْرِها … ويسألُه فيها التطوُّلَ أجمعا

فكتب إليه المعافى: [من الطويل أيضًا]

دعا الشيخُ مِطْواعًا سميعًا لأمرهِ … يؤاتيه باعًا حيثُ يرسُمُ إصْبَعا

وها أنا غادٍ في غَدٍ نَحْوَ دارِهِ … أُبادِرُ ما قد حدَّهُ ليَ مُسْرِعا


(١) هذا الخبر إلى هنا في المنتظم ١٥/ ٤٩.
(٢) تاريخ بغداد ٦/ ٣٠٩، والمنتظم ١٥/ ٥٠ - ٥١.