للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومولده سنة تسعين وأربع مئة.

وكانت سيرته قد ساءتْ بالظُّلْم والعَسْف والمصادرة، ولما قُتِلَ وَثَبَ غلامٌ له أرمنيٌّ، فاستولى على القاهرة، وفَرَّق الأموال في العساكر، وأراد أن يتأمَّر على النَّاس، فخالفوه، ومضوا إلى أَحْمد بن الأفضل فعاهدوه، وجاؤوا به إلى القاهرة، فخرج الغلامُ الأرمنيُّ فقتلوه، وولَّوْا أَبا الميمون عبد المجيد بن [أبي] (١) القاسم بن المستنصر، ولي الخلافة ولقبوه بالحافظ، ووَزَرَ له أبو علي أَحْمد بن الأفضل، وسمَّاه أمير الجيوش، فأحسنَ إلى النَّاس، وأعاد إليهم ما صادرهم به الآمر، وأسقط المكوس، فأحَبَّه النَّاس، فحسده مقدَّمو (٢) الدولة، واغتالوه، وسنذكره إنْ شاء الله تعالى (٣).

وقيل: إنَّ الآمر لم يخلِّف ولدًا، وترك امرأةً حاملًا، فماجَ أهل مِصر، وقالوا: لا يموت أحدٌ من أهل هذا البيت إلَّا ويخلّف ولدًا ذَكَرًا، منصوصةً (٤) عليه الإمامة. وكان قد نَصَّ على الحَمْلِ قبل موته، فوضعتِ الحاملُ بنتًا، فعدَلوا إلى الحافظ، وانقطع النَّسْلُ من الآمر وأولاده. وهذا مذهب طائفة من شيعة المِصريين، فإنَّ الإمامةَ عندهم من المستنصر إلى نزار.

وكان نَقْشُ خاتم الآمر: "الإِمام الآمر بأحكام الله أمير المُؤْمنين"، وابتهج النَّاسُ بقَتْله.

[السنة الخامسة والعشرون وخمس مئة]

فيها قد ذكرنا أَنَّ دُبَيْسًا دَخَلَ البريةَ وانقطع خبره واخَتَلفوا في قِصَّته، أما تواريخ البغداديين، فإنهم قالوا: ضَلَّ في طريقه، فَقُبِضَ عليه بحِلَّة حسان بن مكتوم (٥) الكَلْبي من أعمالِ دمشق، وتَقطَّع عنه أصحابه، فَحُمِلَ إلى دمشق، فباعه أميرُها ابنُ طُغتِكِين من زَنْكي بن آق سُنْقُر [صاحب الموصل] (٦) بخمسين أَلْف دينار، وكان زنكي عدوَّه،


(١) ما بين حاصرتين من "ذيل تاريخ دمشق": ٣٦٣.
(٢) في (ع) و (ح) مقدمي، والمثبت من "النجوم الزاهرة": ٥/ ١٧٤، وهو ينقل عن "المرآة".
(٣) انظر ص ٢٤٩ من هذا الجزء.
(٤) في (ع) و (ح): منصوصًا، والمثبت من "النجوم الزاهرة": ٥/ ١٧٢.
(٥) في (ع) و (ح): مكرم، والمثبت من (م) و (ش)، وهو الموافق للمنتظم: ١٠/ ٢٠.
(٦) ما بين حاصرتين من (م) و (ش).