للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

نُعاقَبُ في الظُّهورِ وما وُلدْنا … ويُذبَحُ في حشا الأُمِّ الحُوارُ (١)

ونخرجُ كارهينَ كما دخلنا … خروج الضبِّ أخرجَهُ الوَجارُ (٢)

وكانَتْ أنعُمًا لو أنَّ كونًا … يُشاوَرُ قبلهُ أو يُستشارُ

وما أرضٌ عصَتْهُ ولا سماءٌ … ففيمَ يغولُ أنجُمَها انكِدارُ

وهذا الشعر يدلُّ على فساد عقيدته.

محمد بن سلطان (٣)

ابن محمد بن حَيُّوس، الأمير، الشاعر، الفصيح، هو أحد الشعراء الشاميين، وفحولتِهم المُجيدين، مدح أعيان الأمراء والأكابر، وله ديوان مشهور، ولد سنة أربع وتسعين وثلاث مئة بدمشق، ومات بها في شعبان وقد جاوز الثمانين، وأنشد له ابن عساكر: [من الطويل]

أسُكَّانُ نَعمانِ الأراكِ تيَقَّنوا … بأنَّكُمُ في رَبْعِ قلبيَ سُكَّانُ

ودوموا على حفظِ الودادِ فإنَّني … بُلِيتُ بأحبابٍ إذا حُفِظوا خانوا

سلوا الليلَ عني مُذْ تناءَتْ ديارُكُمْ … هل اكتَحَلَت بالغَمْضِ لي فيهِ أجفانُ

وهَلْ جرَّدَتْ أسيافُ برق دياركُمْ … فكانتْ لها إلا جفونيَ أجفانُ

[السنة الرابعة والسبعون والأربع مئة]

فيها في المُحرَّم ورد كتاب رجلٍ -يُقال له: ابن وهبان- من واسط، يذكر فيه أنَّ امرأةً بنهر الفضل أصابها جُذامٌ فسقط أنفُها وشفتاها وأصابعُ يديها ورجليها، وجافت رائحتها، فأخرجها زوجُها وولدُها إلى ظاهر المحلة، وبَنَوا لها كوخًا تَكِنُّ فيه، وبقيَتْ مدةً فيه لا يقدر أحدٌ من الاجتياز بها من نَتْنِها، فجاء ولدها إليها برغيفين شعير، فقالت له: يا بُنيَّ، قِفْ - بالله - حتَّى أُبصِرك، وجِئني بجرعة من ماء أشربها فقد قتلني العطش. فلم يقدرِ الصبيُّ أن يدنوَ منها وهرب، وكان قريبًا منها خربةٌ يُجمع فيها ماء الكثبان،


(١) الحُوار: ولد الناقة.
(٢) الوجار: جحر الضب ونحوه.
(٣) تاريخ دمشق ٥٣/ ١١٣، وتنظر مصادر الترجمة في السير ١٨/ ٤١٣.