للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عليُّ بنُ الخليفة

أبو الحسن، الملك المعظم (١).

كان جَوَادًا، كثير الصَّدقات، وافرَ المعروف، كريمَ الأخلاق، حسن العِشْرة، مرض أيامًا، وتوفي في ذي القَعْدة، وصُلِّي عليه بتاج الخليفة، وأخرج التَّابوت، وبين يديه أربابُ الدَّولة، ولم يتخلَّف سوى الخليفة، وحُمِلَ إلى تُرْبة أم الخليفة، فدفن معها في القبة.

ومن العجائب أَنَّه يوم الجمعة دخل رأس منكلي على خشبة وقد زُيِّنت بغداد، وأظهر السُّرور والفرح، فلما وَصَلَ الرأس إلى باب دَرْب حبيب وافق في تلك السَّاعة وفاة ابنِ الخليفة، ووقع صراخٌ عظيم من دار الخليفة، فَرُدَّ الرأس إلى عقد اللكافين، ورُمي في بيتٍ في خان، وكوسات منكلي مشققة، وأعلامه منكسة، وانقلب ذلك السرور حُزْنًا، وأمر الخليفة بالنِّياحة عليه في أقطار بغداد، ففرشوا البواري والرَّماد، وخرج العواتق من خدورهن، ونَشَرْنَ شعورهُنَّ، ولَطَمْنَ، وقام النَّوائح في كلِّ ناحية، وعَظُمَ حُزْنُ الخليفة بحيث امتنع من الطَّعام والشَّراب، وغُلِّقَتِ الأسواق، وعُطِّلَتِ الحمامات، وبَطَلَ البيع والشراء، وجرى ما لم يجر في بلد آخر.

وكان الخليفةُ قد رَشَّحه للخِلافة، وشدَّ جميع فِتْيان بغداد إليه [من العلماء والأعيان والأجناد] (٢) ففعل الله في مُلْكه ما أراد. وخلَّف ولدين: أبا عبد الله الحسين، ولقبه المُؤَيَّد، ويحيى، ولقبه الموفَّق.

[وفيها توفي

الوجيه النحوي (٣)

واسمه] (٢) المبارك بن المبارك، أبو بكر، الواسطي، النحوي.


(١) له ترجمة في "الكامل": ١٢/ ٣٠٨ - ٣٠٩، و"التكملة" للمنذري: ٢/ ٣٥٤ - ٣٥٥، و"المذيل على الروضتين": ١/ ٢٦١ - ٢٦٢، وفيه تتمة مصادر ترجمته.
(٢) ما بين حاصرتين من (م) و (ش).
(٣) له ترجمة في "التكملة" للمنذري: ٢/ ٣٤٢ - ٣٤٣، و"المذيل على الروضتين": ١/ ٢٥٩ - ٢٦٠، وفيه تتمة مصادر ترجمته.