للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[فصل في بناء الصرح]

روى عكرمة عن ابن عباس، قال: لما تضايقت بفرعون الحيل قال: ﴿يَاهَامَانُ ابْنِ لِي صَرْحًا﴾ أي: صرحًا عاليًا ﴿لَعَلِّي أَبْلُغُ الْأَسْبَابَ (٣٦) أَسْبَابَ السَّمَاوَاتِ﴾ أي: طرقها ﴿فَأَطَّلِعَ إِلَى إِلَهِ مُوسَى وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ كَاذِبًا﴾ [غافر: ٣٦ - ٣٧] فيما يقول أن له ربًّا غيري ﴿فَأَوْقِدْ لِي يَاهَامَانُ عَلَى الطِّينِ﴾ [القصص: ٣٨] أي: اطبخ الآجرَّ- وفرعونُ أول من طبخ الآجرَّ وبنى به. وقيل: نمرود لما بنى الصرح - فجمع هامان العمال والفَعَلة حتى بلغوا خمسين ألفًا من البنَّائين، سوى الأتباع. ومن يعمل الجصَّ وينحت الخشب، فرفعوه ارتفاعًا عظيمًا. قال مجاهد: لم يبلغ بنيانُ أحدٍ منذ خلق الله السماوات والأرض مثله.

ولما فرغ صعد عليه فرعون، فرمى بنشابة نحو السماء فعادت وهي ملطخة بالدم، فقال: قتلتُ إله موسى - وقد تقدم جواب مثل هذه الأشياء في صرح نمرود - فبعث الله جبريل ، فضربه بجناحه، فقطعه ثلاث قطع، وقعت قطعة منه على عسكر فرعون، قتلت منهم مئة ألف ووقعت قطعة منه في النيل فسدَّته، ووقعت الأخرى على العمال والبنَّائين فأهلكتهم (١).

[فصل في غرق فرعون]

قال الله تعالى: ﴿وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنْ أَسْرِ بِعِبَادِي إِنَّكُمْ مُتَّبَعُونَ﴾ [الشعراء: ٥٢] أي: يتبعكم فرعون وقومه. وقال مقاتل: لما وقع الإياس من إيمان فرعون، وأباد بني إسرائيل وأفناهم، شكا موسى إلى الله تعالى، فأوحى الله تعالى إليه: ﴿أَنْ أَسْرِ بِعِبَادِي﴾ أي: سِرْ بهم أَوَّلَ الليل من مصر، فأَمر موسى بني إسرائيل أن يستعيروا حلي القبط بعلَّةِ عرس لهم ففعلوا.

روى الثعلبي عن ابن جريج في هذه الآية قال: أوحى الله إلى موسى: أن اجمع بين كل أربعة من أهل بيت في بيت واحد، ثم اذبحوا أولاد الضأن، ثم اضربوا بدمائها على أبوابكم، فإني سآمر الملائكة فلا تدخل بيتًا على بابه دم، وآمرها فتقتل أبكارَ آل


(١) عرائس المجالس ١٩١.