للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[السنة السادسة والستون وأربع مئة]

فيها في المُحرَّم ورد الخبر إلى بغداد بأن عساكر غَزنة خرجوا وتعرَّضوا لبلاد ملك شاه، وخرج إليهم إلياس بن ألب أرسلان أخو ملك شاه، فقاتلهم، واستأمن إليه سبعُ مئةٍ منهم، وانهزموا إلى غَزنة، وأوغل خلفهم، وكان سلطان غَزنة إبراهيم بن مسعود بن محمود بن سُبُكْتِكين، وعاد إلياس من الوقعة إلى بَلْخ، فمات بعدها بثلاثة أيام، وكفي ملكَ شاه أمرَ الغزنوية، وأمرَ أخيه إلياس، وسُرَّ بوفاته؛ لأنه كان منحرفًا على ملك شاه، وفي نيته الخلاف عليه، فقال له نظام الملك: لا تظهر الشماتة به، واقعُدْ في العزاء. ففعل، وأظهر الحزن عليه.

وفي ثاني صفر جلس الخليفةُ، وولدُ ولدِه عدةُ الدين قائمٌ على رأسه وله ثماني عشرة سنة، وأوصل إليه سعدَ الدولة الكوهراني والجماعةَ الحاضرين وأعطاه عهد ملك شاه بالسلطنة، وندب عميدُ الدولة ابنَ جَهير إلى الخروج بالخِلَع إلى ملك شاه إلى الري، وندب معه مسعودًا الخادم، وسار يوم الثلاثاء سابع عشر صفر، وتقدَّم سعد الدولة الكوهراني.

وفيها سار بدر الجمالي أمير الجيوش من عكا إلى مصر ومعه عبد الله ابن صاحب مصر باستدعاء المستنصر بعد قتل ابن حمدان، وتغلُّب يلدكز التركي، ووصل إلى دمياط وبها ابن المُدبِّر، وكان قد هرب منه فقتله وصلبه، ودخل إلى مصر بعد أن اتَّفق مع يلدكز، وتحالفا وتعاهدا، ثم قبض على يلدكز وأهانه وعذَّبه، وطالبه بالمال فلم يظفر بسوى اثني عشر ألف دينار، وكان له من الأموال والجواهر شيءٌ عظيم، إلَّا أنَّه لم يقرَبْه، فقتله أمير الجيوش، وهرب يلدكز إلى الشام، وانتزع أمير الجيوش الشرقية من أيدي لواتة، وقتل منهم مقتلةً عظيمةً، وأسر أمراءهم، وأخذ منهم أموالًا جمةً، وعمر الريف، فرخصت الأسعار، ورجعت إلى عاداتها القديمة، وأخذ الإسكندرية وسلَّمها إلى القاضي ابن المحترق، وأصلح سودان الصعيد واستدعاهم (١) إليه، وجاءه منهم الكثير، وصلحت الحال لهلاك الأضداد، ورُفعت الفتن، وانفرد أمير الجيوش بالأمر.


(١) في (ب): واستدناهم.