للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولد سنة أربع وعشرين وخمس مئة ببغداد، وقرأ القرآن بالروايات على الشيخ أبي محمد سبط الشيخ أبي منصور الخيَّاط وغيره، وسمع الحديث، وكان حَسَنَ الصوت بالقراءة، صلى إمامًا بالمسجد الذي إلى جانب البدرية، فكان الناس في ليالي رمضان يأتون إليه من أقطار بغداد، يسمعون قراءته، وكانت وفاته في ذي الحِجَّة، وصلي عليه بالنظامية، ودفن بباب حرب، وسمع أبا الكرم المبارك بن الشهرزوري، وإبراهيم بن نبهان الرَّقِّي، وسَعْد الخير، وأبا الفَضْل الأرموي وغيرهم، وروى لنا عنهم، وكان صالحًا عفيفًا، زاهدًا، ثقة] (١).

وفيها توفي

طاشْتِكين بن عبد الله المقتفوي (٢)

أمير الحاج، مجير الدِّين.

حج بالنَّاس ستًّا وعشرين حجة، وكان في طريق الحج مثل الملوك، فقصده ابنُ يونس، وقال للخليفة: إنَّه يكاتبُ صلاح الدِّين، وزوَّر عليه كتابًا، فحبسه مُدَّة، ثم تبيَّن له أَنَّه بريء من ذلك، فأطلقه، وأعطاه خوزستان، ثم أعاده إلى إمرة الحج، وكانت الحِلَّة السَّيفية إقطاعه، وكان شجاعًا جَوَادًا، سَمْحًا، قليل الكلام، يمضي عليه الأسبوع ولا يتكلَّم، استغاث إليه رجلٌ يومًا، فلم يكلِّمْه، فقال الرَّجل: الله كلَّم موسى، فقال: وأنتَ موسى؟ فقال له الرجل [: وأنت الله! فقضى حاجته.

وكان حليمًا، التقاه رجل، فاستغاث إليه من نوابه، فلم يجبه، فقال له الرجل:] (١) حمار أنت؟ فقال طاشتكين: لا.

وفي قِلَّة كلامه يقول ابنُ التَّعاويذي: [من الخفيف]

وأميرٍ على البلاد مولَّى … لا يجيبُ الشَّاكي بغيرِ السُّكوتِ

كلما زاد رِفْعةً حَطَّنا اللـ … ـه بتَغْفِيله إلى البَهَمُوتِ (٣)


(١) ما بين حاصرتين من (م) و (ش).
(٢) له ترجمة في "الكامل": ١٢/ ٢٤١، و"التكملة" للمنذري: ٢/ ٨٣ - ٨٤، و"المذيل على الروضتين": ١/ ١٧٢ - ١٧٠، و"المختصر في أخبار البشر": ٣/ ١٠٧، و"فوات الوفيات": ٢/ ١٢٩ - ١٣٠، و"النجوم الزاهرة": ٦/ ١٩٠، و"شذرات الذهب": ٥/ ٨، وفي "المذيل" تتمة مصادر ترجمته.
(٣) لم أجد البيتين في ديوانه المطبوع.