للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

السَّنة العاشرةُ بعد المئتين

فيها بعث عبد الله بن طاهر بنصر بنِ شَبَث إلى المأمون، فدخل بغدادَ يوم الاثنين لسبعٍ خلود من صفر، فأنزله مدينةَ المنصور ووكَّل به مَن يحفظه.

وفيها اتفق جماعةٌ من القوَّاد -منهم: محمدُ بن إبراهيمَ الإفريقي، ومالكُ بن شاهي، وفَرَجٌ البغواري (١)، وآخرون- مع ابنِ عائشة، وبايعوه بالخلافة سرًّا.

وهذا ابنُ عائشةَ اسمُه: إبراهيمُ بن محمَّد بنِ عبد الوهَّاب بن إبراهيمَ الإِمام بن محمَّد بن عليِّ بن عبدِ الله بن عباس، ويعرف بابن عائشةَ لأنَّ عائشة بنتَ سليمانَ بنِ على (٢) جدَّتُه أمُّ أَبيه، فوَلَدُ عبد الوهَّاب يُنسبون إليها.

وفي روايةٍ للطبريِّ (٣) أنَّ ابنَ عائشةَ ومَن سمَّينا كانوا يسعَون في البَيعة لإبراهيمَ بن المهدي، ويُفسدون الجندَ على المأمون، وبلغ المأمونَ ذلك من عمرانَ القُطْرَبُّليّ، فقضى عليهم يومَ السبت لخمسٍ خلونَ من صَفَر، وكانوا قد اتَّعدوا أن يقطعوا الجسرَ إذا خرج القوَّاد والجندُ يتلقَّون نصرَ بن شَبَث، ودخل وحده ولم يتوجَّه إليه أحدٌ من الجند، فأنزله المأمونُ عند إسحاقَ بن إبراهيمَ صاحبِ الشرطة، ثم نقله إلى مدينة المنصور، وأُقيم ابنُ عائشةَ على باب دارِ المأمون في الشَّمس ثلاثةَ أيام، ثم ضُرب بالسِّياط بعد ذلك ومَن وافقه ضربًا مبرِّحًا، وحُبسوا في المُطبق، فنقبوا السجنَ ليلًا وشغبوا، فركب المأمون بنفسه ودعاهم فضرب أعناقَهم، وصُلبوا على الجسر الأسفل.

ثم أُنزل ابنُ عائشة، فكُفن وصلِّي عليه ودُفن في مقابر قريش، وهو أوّل هاشميٍّ صُلب من ولد العباس، وشتم المأمونَ شتمًا قبيحًا عندما أراد قتلَه، وأُنزل ابنُ الإفريقيِّ فدُفن في مقابر الخَيزُران، ونزل المأمونُ فوجد لابن عائشةَ صناديقَ فيها كتب القوَّاد


(١) في (خ): البعودرى، والمثبت من تاريخ الطبري ٨/ ٦٠٢، وتاريخ الإِسلام ٥/ ١٩، وانظر المنتظم ١٠/ ٢١١.
(٢) ابن عبد الله بن عباس . انظر الوافي ٦/ ١٠٦.
(٣) في تاريخه ٨/ ٦٠٢.