كتاب مرآة الزمان في تواريخ الأعيان

السنة الثالثة بعد المئتين - علي بن موسى - ج: 13 - ص: 388

عليُّ بن موسى

ابنِ جعفر بن محمد بن عليِّ بن الحسين بن علي بن أبي طالب، أبو الحسن، وهو الرِّضا، ويلقَّب بالوليِّ والوفي، وأمُّه الخَيزُران (١) أمُّ ولد، وهو من الطبقة الثامنةِ (٢) من أهل المدينة، وكان يفتي بمسجد النبيِّ ﷺ وهو ابن نيّف وعشرين سنة.

وقد ذكرنا إشخاصَ المأمونِ له من المدينة [إلى مَرْو مع فرناس الخادم وابن أبي الضحاك، وأنه ولَّاه العَهْدَ [وشغب بني العباسِ ببغداد، وأنه] (٣) سار معه من مروَ يريد العراق، فلمَّا وصل إلى طُوسَ مرض أيامًا، فتأخَر رحيلُ المأمون بسببه.

وقيل: لم يمرض، وإنّما دخل الحمَّام وخرج، فقُدِّم إليه طَبَقٌ فيه عِنَب مسمومٌ سمًّا لم يظهر فيه، فيقال: إنَّهم أدخلوا فيه الإبرَ المسمومة، فأكله فمات.

وقال جدِّي رحمه اللهُ تعالى في "المنتظَم" (٤): لمَّا رأوا أن الخلافةَ قد خرجت إلى أولاد عليِّ بن أبي طالب، سقَوا عليَّ بن موسى الرِّضا السمّ، فتوفِّي بقريةٍ من قرى طوسَ يقال لها: سَنَاباذ في رمضان.

قال المصنِّف ﵀: وقد زعم قوم أن المأمونَ سمَّه، وليس كما ذكروا؛ فإنَّ المأمون حزن عليه لمَّا مات حُزْنًا لم يحزنْه على أحد، وكتب إلى الآفاق يعزُّونه فيه [ولو أنه سُمَّ مَن يوثق به؟ فإن الطبريَّ قال (٥): مات فجأةً، أكل عِنَبًا فأكثر منه].

وكان على الرِّضا -كما سمِّي- رضًا، جوادًا، زاهدًا، عابدًا، مُعرِضًا عن الدنيا، ولولا خوفُه من المأمون ما أجاب إلى ولاية العهد.

وقيل لأبي نُواس: ألا تمدحه؟ فقال: [من الخفيف]

---

(١) كذا قال رحمه الله تعالى، وفي السير ٩/ ٣٨٧ أن اسمها سكينة، وانظر الوافي ٢٢/ ٢٤٨، والمنتظم ١٠/ ١١٩، وتهذيب الكمال، وتاريخ الإسلام ٥/ ١٢٨.
(٢) في (ب): وقد ذكره خليفة في الطبقة الثامنة. اهـ. ولم أقف عليه في طبقات خليفة، وذكره في تاريخه ٤٧١ في وفيات سنة (٢٠٣ هـ).
(٣) ما بين حاصرتين من (ب).
(٤) ١٠/ ١٢٠، وفي (خ): وقال الشيخ أبو الفرج بن الجوزي ﵀، والمثبت من (ب).
(٥) في تاريخه ٨/ ٥٦٨. وما بين حاصرتين من (ب).