للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقد قيل: إن خماني إنما حملت بساسان من بهمن، وأنه الذي ألقته في النهر، وليس بصحيح، والأول أصحّ.

وتُوفِّيت خمانى بعد عمارة القُدس في زمان دانيال الأصغر بست وعشرين سنة (١).

[فصل]

ولما تُوفِّيت استقلَّ ابنُها دارا بالملك، فضبط الممالك، وأحسن السيرة، ونزل بابل، فكان مَن حوله من الملوك يُؤدُّون إليه الإتاوة، يعني الخراج. ووُلد له ولد فسمَّاه دارا الأصغر، وكان معجَبًا به، وبلغ من حبه إياه أنه سماه باسمه، وعهد إليه بعده. وملك دارا الأكبر اثنتي عشرة سنة، ومات.

[فصل]

فملَكَ بعده ولدُه دارا الأصغر، فأساء السيرة، وظلم الرعية، وتجبَّر وطغى وبغى، وقتل الأساورة.

وكان سببُ فساد حاله أنه كان لأبيه دارا الأكبر وزيرٌ يقال له: رشين (٢)، وكان عاقلًا، وكان لدارا غلامٌ قد رُبِّي معه اسمه. بيري، فجرى بين بيري وبين الوزير كلامٌ، فأساء أدبَه على الوزير، فأخبر الوزير دارا الأكبر بذلك، فسقى الغلام شربة فمات، فحقد دارا الأصغر على الوزير، فلما مات دارا الأكبر وولي دارا الأصغر قتل جماعة الوزير، واستوزر أخا الغلام بيري، ولم يكن أهلًا للوزارة، فأفسد عليه قلوبَ الناس، فاستوحشوا منه، ونفروا عنه، وكاتبوا الإسكندر الرومي، فسار إليه فقتله لما نذكر.

واختلفوا في مدة ملك دارا الأصغر؛ فقيل: ملك أربع عشرة سنة، وقيل: خمس عشرة سنة، وقيل: ثلاثين سنة، وهو آخر ملوك الفرس الأُول.

قلت: وقد اختلفوا في عددهم وسنينهم اختلافًا كبيرًا، أشار إليه الجاحظ، ومحمود بن الحسن الأصبهاني في "تاريخه"، وأبو معشر، والمسعودي. وقد ذكرت في


(١) انظر الأخبار الطوال ص ٢٧ - ٢٨، وتاريخ الطبري ١/ ٥٦٩ - ٥٧٠، ومروج الذهب ٢/ ١٢٧ - ١٢٩، والبدء والتاريخ ٣/ ١٥٠ - ١٥٢، وتجارب الأمم ١/ ٣٤، والمنتظم ١/ ٤٢١ - ٤٢٢.
(٢) في تاريخ الطبري ١/ ٥٧٢: رستين، وفي تجارب الأمم ١/ ٣٥: رشتين.