للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عبد الله بن محمد بن أبي بكر الشَّاشي (١)

ولد سنة إحدى وثمانين وأربع مئة، وتفقَّه، وأفتى وناظر [في زمان أبيه] (٢)، وكان ظريفَ الشَّمائل، حَسَنَ العبارة، [وكان] (٢) يعظ وينشئ الكلامَ المطابق والمجانس. قال يومًا في مجلس [من مجالس] (٢) وعظه: أين القدود العالية والخدود الوَرْدية، امتلأت بها العالية والوَرْدية. اسم مقبرتين بنهر مُعَلَّى.

وجلس يومًا آخر النهار في التَّاجية، وكان في السَّماء غيم، فارتجل في الطَّريق أبياتًا قالها في آخر المجلس، وهي: [من الرجز]

قَضِيَّةٌ أَعْجِبْ بها قَضِيَّهْ … جلوسُنا اللَّيلةَ في التَّاجِيَّهْ

والجوُّ في حُلَّتِةِ الفِضيَّةْ … صِقالُها قَعْقَعَةٌ رَعدِيَّهْ

أعلامُها شَعْشَعَةٌ بَرْقِيَّهْ … تَنْثُرُ مِنْ أرْدانها العِطْرِيَّهْ

ذائِبَ درٍّ يَنْشُرُ البَرِيَّهْ … والشَّمْسُ تبدو تارةً جَلِيَّهْ

ثُمَّ تراها مرةً خَفِيَّهْ … كأنَّها جاريةٌ حَيِيَّهْ

حتى إذا كانت (٣) لنا العَشِيَّهْ … نَضَّتْ لباسَ الغَيمِ بالكُلِّيهْ

وأَسْفَرَتْ في الجهةِ الغربيَّهْ … صفراءَ في مِلْحَفَةٍ وَرْسِيَّهْ

كرامةٌ أعرفها شاشيَّهْ

[قلت: وأعجبُ من ذا أن بعض أشياخنا حكى لي] (٤) أنَّه قَدِمَ رجلٌ علوي، فجلس في التَّاجية آخر النهار، فذكر حديث رُدَّتِ الشَّمْسُ لعلي (٥)، ثُمَّ شَرَعَ في


(١) له ترجمة في "المنتظم": ١٠/ ٣٧ - ٣٨، و"الكامل": ١١/ ١٨، و"الوافي بالوفيات": ١٧/ ٤٢٨ - ٤٢٩، و"طبقات الشافعية" للسبكي: ٧/ ١٢٧، و"طبقات الشافعية" للإسنوي: ٢/ ٨٧، و"النجوم الزاهرة": ٥/ ٢٥٣ - ٢٥٤.
(٢) ما بين حاصرتين من (م) (ش).
(٣) وكذلك هي في "المنتظم": ١٠/ ٣٨، وفي "الوافي بالوافيات" و"طبقات السبكي": حانت، وهي الأشبه.
(٤) في (ع) و (ح): وأعجب من هذا أنه قدم. . والمثبت ما بين حاصرتين من (م) و (ش).
(٥) حديث ردِّ الشمس لعلي، أخرجه الطحاوي في "شرح مشكل الآثار" (١٠٦٧) (١٠٦٨)، والطبراني في "المعجم الكبير": (٣٨٢) و (٣٩٠) والعقيلي في "الضعفاء": ٣/ ٣٢٧ - ٣٢٨، وابن الجوزي في "الموضوعات": ١/ ٢٦٦ - ٢٦٧، وهو حديث منكر، وقد حكم عليه أئمة الحديث بالوضع، وأشبع القول فيه الحافظ ابن كثير في "البداية والنهاية": ٦/ ٧٧ - ٨٧، فراجِعْه، فإنه نفيسٌ.