للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[الباب الرابع: في ذكر وفاته [والكتاب الذي أشار إليه قبيل مماته ونحو ذلك]

ذكر الواقدي في "المغازي" وقال:] لما كان يوم السبت عاشر ربيع الأول جاء المسلمون الذين يخرجون مع أسامة يودعون رسول الله فيهم عمر بن الخطاب - رضوان الله عليه -، ورسول الله يقول: "أَنفِذُوا جيشَ أُسامَةَ" ودخلت عليه أم أيمن، فقالت: يا رسول الله لو تركت أسامة يقيم في معسكره حتى تتماثل، فإنّ أسامة إن خرج على حاله هذه لم ينتفع بنفسه، فقال رسول الله : "أَنفِذُوا بعثَ أُسامَةَ" فمضى الناس إلى المعسكر، فباتوا ليلة الأحد، ونزل أسامة يوم الأحد ورسول الله ثقيل مغمور، وهو اليوم الذي لَدُّوه فيه، فدخل على النبي وعيناه تَهْمُلان، وعنده العباس، والنساء حوله، فطأطأ عليه أسامة فقبله ورسول الله لا يتكلم، وجعل يرفع يديه إلى السماء، ثم يصبهما على أسامة، يدعو له، وغدا أسامة إلى معسكره، فلما أصبح يوم الاثنين غدا من معسكره، وأصبح رسول الله مُفيقًا، فجاء أسامة يُودِّعه، فقال: "اغْدُ على بَرَكةِ اللهِ" فودعه أسامةُ، ورسول الله مُفيق، وجعل نساءه يتماشطن سرورًا.

ودخل أبو بكر رضوان الله عليه فقال: يا رسول الله، أصبحتَ بحمد الله مُفيقًا، واليوم يوم ابنة خارجة، فأْذن لي، فأذن له، فذهب إلى السُّنح وخرج أسامة إلى معسكره، وصاح في أصحابه باللحوق به، ونزل أسامة بالجرف، وأمر الناس بالرحيل، وقد متع النهار [أي: ارتفع]، فبينا أسامة يريد أن يركب من الجرف أتاه رسول أم أيمن، وهي أمه، تخبره أن رسول الله يموت، [قال ابن إسحاق: إنما بعث رسولًا إلى أسامة امرأته] فأقبل أسامة إلى المدينة ومعه عمر وأبو عبيدة [بن الجراح] فانتهوا إلى رسول الله وهو يموت، فتوفي حين زاغت الشمس يوم الاثنين لاثنتي عشرة ليلة خلَت من ربيع الأول، ودخل المسلمون الذين عسكروا بالجُرْف إلى المدينة، ودخل بُرَيدة بن الحصيب بلواء أسامة رضوان الله عليه معقودًا