للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[السنة الخامسة والأربعون بعد المئتين]

فيها عمَّت الزلازلُ الدُّنيا، فأخربت القلاع والمدن والقناطر، وهلكَ خلقٌ كثيرٌ من أهل العراق والمغرب، [وأنطاكية، وسقط فيها] (١) ألفٌ وخمس مئة دار، ونيِّفٌ وتسعونَ برجًا، وسمعوا من السماء والكوى والأزقَّة أصواتًا هائلة، وهربَ أهلُها إلى البريِّة، وتقطَّع جبلُها الأقرع، وسقطَ في البحر، فهاج البحرُ من ذلك، وارتفع منه دخانٌ أسود منتن، وغار نهرها.

وامتدَّت الزلزلة إلى حمص، وحماة، وحلب، ودمشق، وطَرَسُوس، وأَذَنَة، والمَصِّيصَة، وسواحل الشام، وزُلزِلت اللاذقيَّة، فوقعت على أهلها، فما نجا منهم إلَّا اليسير، وذهبت جَبَلة بأهلِها.

وعبرت الزلزلةُ الفرات بعد أن هدمت بَالِسْ وما حولَها وحَرَّان والرُّهَا والرقَّة ورأس عين [و] المَوْصل، وامتدَّت إلى خُرَاسان، فمات خلقٌ لا يحصون كثرةً.

وأمر المتوكِّلُ بثلاثة آلاف ألف درهمٍ للذين أصيبوا بمنازلهم.

وزُلزلت مصر وبلبيس وسمعَ أهلُها من ناحية مصر ضجةً هائلةً، فماتَ من أهل بلبيس خلقٌ كثير (٢).

وظهرت نارٌ من السماء من ناحية القبلة. وغارت عيونُ مكَّة (٣).

[فصل:] وفيها أمر المتوكِّلُ ببناء الماحوزة، وأقطع القوَّاد والحاشية مواضعَ من بنائها، وانتقل إلى المحمديَّة ليتمَّ البناء، وسمَّاها الجعفريّ، وأنفقَ عليها أكثرَ من ألفي


(١) ما بين حاصرتين من (ب). وفي (خ) و (ف): وسقط بأنطاكية.
(٢) كذا في (ب) و (خ) و (ف). وفيه نظر، ووقع الخبر في تاريخ الطبري ٩/ ٢١٣، والمنتظم ١١/ ٣٢٨ - ٣٢٩ بعد خبر هيجان البحر، السالف قريبًا، ونصُّه: وسمع فيها -فيما قيل- أهلُ تِنِّيس في مصر ضجةً دائمةً هائلةً، فمات منها خلق كثير. اهـ.
فلم يرد فيه ذكرٌ لزلزلة مصر. وانظر الكامل ٧/ ٨٧.
(٣) كذا، وفي تاريخ الطبري ٩/ ٢١٣، والمنتظم ١١/ ٣٢٩: وفيها غارت مُشَاشُ عين مكة، حتى بلغ ثمن القربة بمكة ثمانين درهمًا، فبعثت أمُّ المتوكل فأنفقت عليها.