للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والثامن: علي بن أبي طالب، قاضي القضاة ببغداد، الزَّينَبي، روى عن أبيه، وعمه طِراد بن محمَّد، وابن البَطِر، وابن العَلَّاف وغيرهم (١).

[ذكر مسانيد علي بن أبي طالب]

قال أحمد بن حنبل (٢) بإسناده عن حَنَش، عن علي قال: بعثني رسول الله إلى اليمن، فانتهينا إلى قومٍ بَنَوْا زُبْيَةً للأسد، فبينما هم كذلك يتدافعون إذ سَقط رجل فيها، فتعلّق بآخر، ثم تعلّق رجلٌ بآخر، حتى صارو فيها أربعة، فجَرحَهم الأسد، فانتَدبَ له رجلُ بحَرْبَةٍ فقتله، وماتوا من جِراحته كلّهم، فقام أولياء الأول إلى أولياء الآخر، ولَبسوا السلاح، فأتاهم علي على تَفيئةِ ذلك، فقال لهم: تريدون أن تقتتلوا ورسول الله حيّ؟! إني أقضي بينكم بقضاء فإن رضيتموه، وإلا تحاجزوا تأتوا النبي فتسألونه، فيكون هو الذي يقضي بينكم، فمَن عدا بعد ذلك فلا حقَّ له، قالوا: نعم.

قال: اجمعوا من قبائل الذين حضروا البئر رُبُعَ الدِّية، وثُلُث الدّية، ونِصف الدية، والدية كاملة، فللأول الربع لأنه أهلك مَن فوقه، وللثاني ثُلث الدية، وللثالث نصف الدية، وللرابع الدية كاملة. فلم يَرضَوْا، وأتَوا رسول الله وهو عند مقام إبرهيم، فقَصُّوا عليه القصة، فقال: "أنا أقضي بينكم" واحتبى، فقال رجل من القوم: إن عليًّا قضى فينا بكذا وكذا، وقَصُّوا عليه القصة، فأجازه رسول الله .

قلت: وفي هذا الحديث كلام طويل؛ فإن محمد قال في "الجامع الصغير" وغيره: إن الإنسان إذا حفر بئرًا في مِلكه فتَلِف بذلك إنسان أو بَهيمة؛ فلا ديةَ عليه، ولا ضَمانَ في البهيمة، وإن كان في غير مِلكه ضَمِن؛ لأنه في الأوَّل غيرُ مُتَعَدٍّ بخلاف الثاني، وينبغي أن يكون حافرُ الزُّبْيَةِ على هذا، وكذا جِراحةُ الأسَد تكون هَدَرًا.

قال محمد : رجلٌ شَجَّ نفسَه، وشَجَّه غيرُه، وعقره أسد، ونهشته حية،


(١) تلقيح فهوم أهل الأثر ٦١٩، وتحرف في مطبوعه الزيني إلى الدنقشي؟! وما بين معكوفين منه.
(٢) في مسنده (٥٧٣).