للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

السَّنة السادسة والستُّون بعد المئة

فيها عقد المهديُّ البَيعةَ لابنه هارونَ بعد موسى. ولقَّبه الرَّشيد، وكان هارونُ قد عاد من القُسطنطينية سالمًا غانمًا ومعه من المال ما كان تقرَّر بينه وبين المَلِكة، فقدم بغدادَ في المحرَّم.

وفيها غضب المهديُّ على وزيره يعقوبَ بنِ داودَ وحبسه في المُطْبِق، فأقام سبعَ عشْرةَ سنةً محبوسًا، ثم أُخرج في أيَّام هارون، وسنذكره في سنة اثنتين وثمانين ومئة.

وفيها اعتمر المهديُّ في رمضان، ومضى إلى المدينة فصلَّى بالناس صلاةَ الفِطر وخطب، وأَطلق المهديُّ عبدَ الصمد بنَ عليٍّ من حبسه.

وفيها أَجدبت البلاد، فأمر المهديُّ الناسَ أن يَستسقوا، فذكر مصعبُ بن عبدِ الله الزُّبيريُّ عن الفضل بنِ الربيع قال: قُحِطَ الناسُ في سنة ستٍّ وستين ومئة، فنادى المهديُّ في الناس بأن يصوموا ثلاثةَ أيامٍ ويخرجوا في اليوم الرابعِ للاستسقاء، فصاموا ثلاثةَ أيامٍ وخرجوا في اليوم الرابعِ فسُقوا. وقيل: إنَّ الثلجَ نزل في الليلة الثالثة، فقال لَقيطُ بن بُكيرٍ (١) المحاربيُّ في ذلك هذه الأبيات: [من الخفيف]

يا إِمامَ الهدى سُقينا بك الغيـ. … ـــــثَ وزالت عنَّا بك اللَّأواءُ

بتَّ تدعو الإلهَ والناسُ نُوَّا … مٌ (٢) عليهم من الظَّلام غِطاءُ

رقدوا حيث طال ليلُك فيهم … لك خوفٌ تضرُّعٌ (٣) وبكاءُ

فسُقينا وقد قُحِطنا وقلنا … سنَةٌ قد تنكَّرت (٤) شهباءُ

بدعاءٍ أَخلصته في ظلام الـ … ــــــليلِ لله فاستُجيب (٥) الدُّعاءُ

بثلوجٍ تحيا بها الأرضُ حتى … أَصبحتْ وهي زهر خضراءُ


(١) في (خ): بكر. والمثيت من تاريخ الطبري ٨/ ١٨٣.
(٢) في (خ): نيام. والمثبت من تاريخ الطبري.
(٣) في (خ): وتضرع. ولا يستقيم به الوزن.
(٤) في (خ): ناكدت. وهو خطأ.
(٥) في (خ): فاستجاب. والمثبت من تاريخ الطبري.