للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[السنة العشرون بعد المئتين]

فيها بنى المعتصم سُرَّ من رأى، و [سببه ما حكى الصوليُّ قال:] (١) سبب بنائها أنَّ غلمانه الأتراك كَثُروا ببغداد وتولَّعوا بحُرَم الناس وأولادهم، فاجتمع أهل بغداد إلى المعتصم، وتقدَّم أشرافهم وقالوا: يا أمير المؤمنين، والله ما أحدٌ أحبَّ إلينا من مُجاورتك، وقد آذانَا غلمانُك، فانظر في حالنا، فقال: نعم، وازداد فسادُ الأتراك، فعاودوه مرَّةً ثانية وثالثةً، فقالوا: أنصفنا وتحوَّل (٢) عنا وإلَّا قاتلناك، فقال: كيف تقاتلوني وفي عسكري ثمانون ألف دارع (٣)، قالوا: نقاتلُك بسهام الليل، فقال: والله ما لي بها طاقة، فخرج عنهم فاختار مكان سُرَّ من رأى، فبناها، واتَّخذها دارًا.

[وفي روايةٍ أنَّهم لمَّا قالوا له: تحوَّل عنَّا، قال: سمعًا وطاعةً، ورأى الفتن واقعةً، فتحوَّل. قالوا: وكان قد ولد بالقاطول، فكانت نفسه تتوق إلى تلك الأماكن.] (٤)

وقال اليزيديُّ (٥): وكان المعتصم قد بنى قصرًا ببغداد [بالميدان] (٦)، فجلس فيه جلوسًا عامًّا لم يجلسه خليفة؛ جلس على سريرٍ من ذهبٍ مرصَّعٍ بالجواهر، وعلى رأسه التاجُ الذي فيه الدُّرَّة اليتيمة، وعن يمينه وشماله أسرَّة الأبَنوس بالذهب، ومماليكُه قيام على رأسه، وهم عن يمينه وشماله، وعليهم أقبيةُ الدِّيباج، وفي أوساطهم مناطقُ الذهب والفضَّة، فأنشده إسحاقُ بن إبراهيم المَوْصليّ شعرًا في صفة المجلس، إلَّا أنَّه افتتحه بقوله: [من الكامل]

يا دارُ غيَّركِ البِلى ومحاكي … يا ليتَ شِعْرِي ما الذي أبلاكي (٧)


(١) ما بين حاصرتين من (ب).
(٢) في (ب): وإلا تحول.
(٣) في (ب) و (خ) و (ف): دراع. وهو تصحيف.
(٤) ما بين حاصرتين من (ب).
(٥) في (ب): الترمذي. وهو خطأ.
(٦) ما بين حاصرتين من (ب).
(٧) انظر كتاب الصناعتين للعسكري ص ٤٥٢.