للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وفيها تُوفِّي

أحمد بن إبراهيم (١)

أبو العباس، الضَّبِّي، كان رئيسًا فاضلًا، ولمَّا احتُضر بعث ابنَه إلى أبي بكر الخُوارَزمي شيخِ الحنفية يسأله أن يبتاع له تُربةً بكَرْبَلاء من الشريف أبي أحمد الموسوي والد المُرْتضى، بخمس مئة دينار، فبعث بالدنانير إلى الشريف، فقال: معاذَ اللهِ، هذا رجلٌ رغِبَ فينا، ولجأ إلى جوار (٢) جدي، لا آخذ لتربتِه ثمنًا. فلمَّا خرج تابوتُه خرج الشريفُ معه والأشرافُ، وشيَّعوه إلى جامع براثا، وصلَّوا عليه، ومعه القضاةُ والعدولُ، وبعثَ معه خمسين راجلًا يُوصِلونه إلى كَرْبَلاء.

عبد الله بن محمَّد (٣)

أبو محمَّد البخاري، الخُوارَزْمي، الفقيه، الشافعي، كان فصيحًا أديبًا، يقول الشعر على البديهة، ويرتجل الخطب الطِّوال من غير رَويَّة، وينشئ الكتب، قصد صديقًا له ليزوره فلم يجِدْه في داره، فكتب على بابه وقال: [من الخفيف]

كَمْ حَضَرْنا وليسَ يُقضَى التلاقي … نسألُ الله خيرَ هذا الفِراقِ

إنْ أغِبْ لم تَغِبْ وإنْ لَمْ تَغِبْ غِبْـ … ـــتُ كأنَّ افتراقَنا باتِّفاقِ

وقال: [من المنسرح]

ثلاثةٌ ما اجتمعْنَ في رجلٍ … إلَّا وأسْلَمْنَهُ إلى الأجَلِ

ذِلُّ اغترابٍ وفاقةٌ وهوىً … وكلُّها سائقٌ على عَجَلِ

يا عاذلَ العاشقين إنَّكَ لَوْ … أنصفتَ رَفَّهْتَهُم عن العَذَلِ

فإنَّهم لو عَرَفْتَ صورتَهُمْ … عن شُغُلِ (٤) العاذِلينَ في شَغَلِ

وكانت وفاته ببغداد.


(١) معجم الأدباء ٢/ ١٠٥ - ١٢٢.
(٢) بعدها في (م ١) زيادة: تربة.
(٣) تاريخ بغداد ١٠/ ١٣٩ - ١٤٠، والمنتظم ١٥/ ٦٣.
(٤) في نشوار المحاضرة ٦/ ١٣٧: عذل.