للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وسار الفاضل إلى مِصْر لأمرٍ عَرَضَ له، وودَّعه السُّلْطان، وأعطى السُّلْطان أخاه العادل الكَرَك، وأَخَذَ منه عسقلان، وبَعَثَ بالعساكر المِضرية إلى مِصر، والشامية إلى الشّام.

ثم سار إلى عكا بخواصِّه، فأقام بقية هذا العام.

وحجَّ من العراق طاشْتِكِين.

وفيها توفي

أسامة بن مُرْشد بن علي (١)

ابن المُقَلَّد بن نَصْر بن مُنْقِذ، أبو الحارث، مؤَيَّد الدولة، مجد الدين، الكِناني.

ولد بشَيزَر سنة ثمانٍ وثمانين وأربع مئة، وكانت له اليد البيضاء في الأدب والكتابة والشِّعْر، غزيرَ العقل، كثيرَ الفَضْل، حسنَ التَّدْبير، مليحَ التَّصانيف، فارسًا شجاعًا، يحفظ عشرين ألف بيت من شِعْر الجاهلية، قَدِمَ بغداد في أيام المسترشد عند محاربته صدقة بن دُبَيس، ولم يعبر الجانب الشَّرْقي، وقدم دمشق سنة اثنتين وثلاثين وخمس مئة، وخرج إلى مِصْر، فأقام بها، ثمَّ عاد إلى حماة، فسكنها.

وقال العماد الكاتب: كان من الأُمراء الفضلاء، ومتَّعه بطول البقاء، وهو من المعدودين في شجعان الشّام وفرسان الإِسلام، أُسامة كاسمه في قوة نثره ونَظْمه، لَزِمَ طريق السَّلامة، وتنكب سُبُل الملامة، انتقل إلى مِصْر في أيام الصّالح بن رُزِّيك، ثمَّ عاد إلى الشام، ومضى إلى حِصْن كيفا، فأقام به إلى أن ملك صلاح الدين دمشق سنة سبعين، كان ولده مُرْهَف -ويلقب بالعَضُد - جليسَ صلاحِ الدين ونديمه، فسأله السُّلْطان عنه، فقال: هو بحصْن كيفا، فاستدعاه، وكان قد جاوَزَ ثمانين سنة، ثمَّ انتقل إلى حماة، فتوفِّي بها في رمضان وقد بلغ ستًّا وتسعين سنة، وله ديوان مشهور، وكان


(١) له ترجمة في "خريدة القصر" قسم شعراء الشام: ١/ ٤٩٨ - ٥٤٧، و"معجم الأدباء": ٥/ ١٨٨ - ٢٤٥، "وفيات الأعيان": ١/ ١٩٥ - ١٩٩، و "التكملة" للمنذري: ١/ ٩٥ - ٩٦، و "سير أعلام النبلاء": ٢١/ ١٦٥ - ١٦٦، وفيه تتمة مصادر ترجمته.