للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[السنة الخامسة والعشرون]

وفيها عزل عثمانُ ولاةَ عمر عن الأمصار من غير جِنايةٍ ولا خِيانةٍ، وولّى مُعاويةَ حمص وقِنسرين والعواصم وفلسطين، فجمع له عثمان الشامَ بأسرِه في هذه السنة مُضافًا إلى دمشق.

وفيها نَقض أهلُ الإسكندرية العهد، فسار إليهم عمرو بن العاص فقاتلهم، فعادوا إلى الصُّلح.

وفيها عزل عثمان عمرو بنَ العاصِ عن مصر وولّاها عبد اللَّه بن سعد بن أبي سَرْح، وأمره بغزو إفريقية، وجهَّز معه عشرين ألفًا، وهذا ثالث أمرٍ نُقمَ على عثمان، لأن عبد اللَّه بن سعدٍ هو الذي كان يكتب لرسولِ اللَّه وارتدّ، وأباح رسولُ اللَّه دَمَهُ، وقد ذكرناه.

وكان معه عبد اللَّه بن الزّبير في غزاة إفريقية، قال عبد اللَّه بن الزبير: فهجم علينا جرجير؛ في مئة ألف وعشرين ألفًا، فاختلطوا بنا في كلِّ مكان، وسُقط في أيدي المسلمين، واختلف الناسُ على عبد اللَّه بن سعد، فدخل سُرْداقَه، ورأيتُ غُرّةً من جرجير بَصرتُ به خلف عساكره على بِرذَوْن أَشهب، معه جاريتان تُظلان عليه برِيش الطَّواويس، وبينه وبين جُنده أرضٌ بيضاء ليس فيها أحد.

فجِئتُ إلى عبد اللَّه بن سعد أطلبُه في فُسْطاطه، فمنعني الحاجبُ، فدُرتُ من خلف الفُسطاط، فدخلتُ عليه فقال: ما الذي أدخَلك عليَّ يا ابن الزبير؟ فقلتُ: قد رأيتُ عَوْرةً من جرجير، فاندُب معي الناس.

فخرج فقال: أيها الناس، انتدبوا مع ابن الزُّبير، فاخترتُ ثلاثين فارسًا، وقلتُ للناس: اثبتوا (١) على مَصافّكم، وحملتُ في الوَجْه الذي رأيتُ فيه جرجيرًا، فقلتُ لأصحابي: احموا ظَهري، فواللَّه ما نَشبتُ أن خَرقتُ الصّفوفَ إليه، وما يَحسِب هو


(١) في (خ) و (ع): اركبوا.