للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولَرُبَّما كَتمَ الهوى إظهارُه … ولربَّما فَضَح الهوى كِتْمانُه

عِيُّ المُحِبِّ لدى الحبيبِ بَلاغَةٌ … ولربَّما قتلَ البَليغَ لسانُه

كم قد رأينا قاهرًا سُلطانُه … للناسِ ذَلَّ بحِبِّه سُلطانُه

وقال: خلق الله الأنبياء للمجالسة، والعارفين للمُواصَلة، والمؤمنين للمُجاهَدة.

وقال: أعظمُ البَلاء صُحْبتُك لمَن لا يُوافِقُك، ولا تَقدِرُ على تَرْكِه.

وقال: أعظم حِجاب بينك وبين الحق اشتغالُك بتدبير نفسك، واعتمادُك على عاجزٍ مثلك في أسبابك.

[صَحِب الرَّاسبي ابنَ عطاء والجَريري، ودخل الشَّام، ثم عاد إلى بغداد فتوفي بها في هذه السنة.] (١)

أبو تَغْلِب الغَضَنْفَر

قد ذكرنا سيرته وأيامه على ترتيب السنين، ولما استولى عضد الدولة على الموصل، وديار ربيعة، وقلاع ابن حَمدان، انهزم إلى خَلاط، وقصد أرْزَن الرُّوم، فلَحِقه عسكرُ عضد الدولة مع أبي الوفاء، فحاربه، فأسر أبو السَّرايا أَبا تغلب، وبعث به إلى عضد الدولة، فقتله في صَفَر.

قال المصنّف : وهذا لا يصحّ، والأصح أن أَبا تغلب لما استولى عضد الدولة على بلاده هرب إلى دمشق مُسْتَنجِدًا بصاحب مصر، وبدمشقَ عَيَّارٌ يقال له: قَسَّام قد استولى عليها وتحصَّن بها، وخالف على صاحب مصر، فلم يُمَكِّنه من دخولها، فنزل ظاهرَها، ثم ارتفع إلى نَوى، وفارقه أبو الغِطريف ابنُ عمّه، وصار إلى عضد الدولة فأكرمه.

وبعث أبو تغلب كاتبَه إلى صاحب مصر يَستنجِد به، فجاء الجواب: يَحضر البِساط وعندنا كل ما يُريد، فامتنع، ورحل من نوى فنزل كَفَر عاقِب، وفارقه أخوه أبو طاهر إبراهيم باتِّفاقٍ منه، وصار إلى عضد الدولة.


(١) في (خ ب): في أسبابك وتوفي ببغداد، والمثبت من (ف م م ١). وانظر ترجمته في طبقات الصوفية ٥١٣، ومناقب الأبرار ٢/ ٢٢٤، وذكرا أن وفاته سنة (٣٦٧ هـ).