للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[عبد الله بن علي]

ابن عبد الله بن العباس عم المنصور، وأمه بربريَّةٌ يقال لها: هنَّادة، ولد سنة ثلاث ومئة، وقيل: سنة اثنتين ومئة في آخر ذي الحجة، وهو الذي هَزم مروان بالزاب، وتبعه إلى دمشق، وفتحَ دمشق، وهدمَ سورها، وجعلَ جامعها سبعين يومًا لدوابه وجماله وخيله، وقتلَ من أعيان بني أمية ثمانين رجلًا بنهر أبي فُطْرس من أرض الرملة، وطلبَ الخلافةَ، وهزمه أبو مسلم إلى البصرة، وشفعَ فيه أخوتُه إلى أبي جعفر، وأخذُوا ماله أمانًا منه، واستوثقوا بالأيمان والطلاق والعتاق والمشي حافيًا إلى مكة، فلما وقفَ أبو جعفر عليه قال: كل هذا يلزمني إذا وقعتْ عيني عليه، فلمَّا جاؤوا به إليه حبسَهُ، ولم تقع عينُه عليه، ولمَّا حُبس قال: [من الوافر]

أضاعوني وأيَّ فتًى أضاعوا (١)

وبلغَ أبا جعفر فقال: نحن ما أضعناه، هو أضاعَ نفسَه، وأرادَ ضياع نفوسنا، فكانت نفوسُنا أعزَّ عندنا من نفسه.

وقال ابن عساكر: دخلَ عبد الله بن علي يومَ فتح دمشق من باب كيسان، وعليه قميصٌ أسود وعمامة سوداء، وهو متقلِّدٌ سيفًا أسود، فرأته امرأة، فقالت: ما أقبحَ وجهَك وأشد لونَ سوادِك (٢). ودخلَ دمشق، وقتل منها من أعيان بني أمية أربع مئة رجل (٣).

وكان عبدُ الله قد خرجَ مع عبد الله بن معاوية [بن عبد الله] (٤) بن جعفر، فأسره ابن ضبارة، وبعث به إلى مروان بن محمد، فقال: ما الذي أخرجك مع ابن معاوية؟ قال: إنما أتيتُه طالبًا لرفده، فأحسنَ إليه وخلَّى سبيله، فلما كان يوم الزاب قال مروان: ما صفةُ الذي يحاربني؟ قالوا: ذاك المصفار (٥) اللون، الدقيقُ الذراعين، الذي عفوتَ عنه، فقال مروان: رب معروف يجني (٦) لصاحبه شرًّا، فذهب مثلًا.


(١) وتمامه: ليوم كريهةٍ وسداد ثغرِ. وهو لعبد الله بن عمرو العرجي. انظر الشعر والشعراء ١/ ١٢٥.
(٢) تاريخ دمشق ٦٤٦/ ٣٦ (طبعة مجمع اللغة) غير أن القائل فيه في هذا الخبر شيخ لا امرأة.
(٣) تاريخ دمشق ٣٦/ ٦٤٦.
(٤) ما بين حاصرتين من (ب). وأنظر أنساب الأشراف ٣/ ١٢٧.
(٥) كذا في (ب) و (خ). وفي أنساب الأشراف ٣/ ١٢٧: المصغَّر. وفيه أيضًا أنه شديد البياض حسن الوجه.
(٦) في أنساب الأشراف: يخبئ.