للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فصل في شَيْبه ﷺ -:

قال ثابت البُنَاني: سألت أنسًا: هل شمط رسول الله ﷺ؟ قال: لقد قبض الله رسوله ﷺ وما فضحه بالشيب، ما كان في رأسه ولحيته يوم مات ثلاثون شعرة بيضاء، فقيل: أفضيحة هو؟ قال: أما أنتم فتعدونه فضيحة، وأما نحن فكنا نعده زينًا (١).

وقال جابر بن سمرة: كان رسول الله ﷺ قد شَمِطَ مقدَّمُ رأسه ولحيتهِ، فإذا ادَّهن ومشطه لم يتبيَّن، وإذا شَعِثَ رأسُه تبيَّن، وكان كثير شعرِ اللِّحيةِ، فقال له رجل: كان وجهه مثلُ السيفِ؟ فقال: لا، بل مثل الشمسِ والقمرِ، وكان مُستديرًا، قال: ورأيتُ الخاتَم عند كتفيهِ مثلَ بيضةِ الحمامةِ، يُشبه جسَدَه (٢).

وقال عثمان بن عبد الله بن مَوهَب: دخلنا على أم سلمة، فأخرجت إلينا شعرًا من شعر رسول الله ﷺ مخضوبًا بالحناءِ والكَتَمِ (٣).

وقال الإمام أحمد رحمة الله عليه: ما روي عن أنس أنه قال: لم يخضب رسول الله ﷺ، قد شهد غير واحد على رسول الله ﷺ أنه خضب، وليس من شهد بمنزلة من لم يشهد.

وقال سفيان والزهري: ما خضب رسول الله ﷺ وإنما احمرَّ شعره من كثرة الطيبِ، وإنما خضب أصحابه بالحناءِ والكَتمِ.

وأما الخضاب بالسواد فحرام، ولو كان مباحًا لخضب به الصحابة.

وقال أبو جُحيفة: قيل: يا رسول الله، أسرع إليك الشيبُ، فقال. "شَيَّبتني هودٌ وأَخَواتُها" (٤).

وقال ابن عباس في تفسير قوله تعالى: ﴿فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ﴾ [هود: ١١٢]، أي: على أمر ربك والدعاء إليه، فما نزل على رسول الله ﷺ آية كانت أشد ولا أشق عليه


(١) أخرجه أحمد في "مسنده" (١٢٤٧٤).
(٢) أخرجه مسلم (٢٣٤٤) (١٠٩).
(٣) أخرجه البخاري (٥٨٩٧)، وأحمد في "مسنده" (٢٦٥٣٩).
(٤) أخرجه الترمذي في "الشمائل" (٤٢)، وأبو يعلى في "مسنده" (٨٨٠)، والطبراني في "الكبير" ٢٢/ (٣١٨).