ألتفِت فوجدتُ الجنازةَ قد أُخرجَت قبل الصلاة [أو كما قال،] فسألتُ مَن حضره [عن حاله عند] خروج روحه، فقال: لمَّا احتُضِر غُشي عليه، ثم فتح عينيه وأومأ إلى ناحية البيت وقال: قف عافاك الله؛ فإنَّما أنت عبدٌ مأمور وأنا عبدٌ مأمور، وما أُمرتَ به لا يفوتُك، وما أُمِرتُ به يفوتُني، فدعني أَمضي لما أُمِرتُ به.
ثم دعا بماءٍ فتوضَّأ للصلاة، ثم تمدَّد وغَمض عينيه وتشهَّد ومات.
[قال:] وأخبرني بعضُ أصحابنا أنَّه رآه في المنام فقال له: ما فعل الله بك؟ فقال: لا تسألني أنت عن ذا، ولكن استَرَحْنا من دُنياكم الوَضِرة، وعاش خيرٌ رحمة الله عليه مئة وعشرين سنة.
[عبيد الله بن محمد]
ابن مَيمون بن محمد بن إسماعيل بن جعفر الصَّادق ﵇، وكنيتُه أبو محمد، ويلقَّب بالمَهْدي (١).
جدُّ الخلفاء المصريين، وأمُّه أمُّ ولد، ومَولده بسَلَمْيَة، وقيل: ببغداد سنة ستين ومئتين، ودخل مصر في زِيِّ التُّجَّار سنةَ تسعٍ وثمانين، ومضى إلى المغرب، ثم ظهر بسِجِلْماسَة من أرض المغرب سنة ستٍّ وتسعين سابع ذي الحجة يوم الأحد، وسُلِّم عليه بإمرة المؤمنين في أرض الجَوَّانِيَّة، ثم انتقل إلى رَقَّادة من أرض القَيرَوان، وبنى المَهديَّة واستقرَّ بها في سنة ثمانٍ وثلاث مئة، وملك إفريقيَّة وطرابلس وصِقِلِّية وبلاد القيروان، وطرد مَن كان بها من بني الأَغْلَب، وسَيَّر ولدَه أبا القاسم إلى مصر دفعتين إحداهما في سنة إحدى وثلاث مئة، فيقال: إنَّه ملك الإسكندرية والفَيُّوم، ودفعه تِكين عنها فعاد إلى إفريقيَّة، والمرة الثانية في سنة ستٍّ وثلاث مئة، ملك الإسكندرية ثم دفعه مؤنس عن البلاد.
(١) انظر الكامل ٨/ ٢٤، ٢٨٤، وتاريخ الإسلام ٧/ ٤١١، ٤٦٠، والسير ١٥/ ١٤١، ووفيات الأعيان ٣/ ١١٧، والروضتين ٢/ ٢١٤، والمقفى ٤/ ٥٢٨، والنجوم الزاهرة ٣/ ٢٤٦. وفي حواشيها مصادر أخرى.