للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بالسَّرَطان قد خرج من دجلة يَسعى والخرقة على ظهره، فجاء إلى خير، فألقاها بين يديه، ثم عاد إلى دجلة وأنا أنظر إليه، فقال لي: اكتُم عليَّ أيامَ حياتي، فقلتُ: نعم إن شاء الله تعالى.

قال: وكان إذا حضر السَّماع قام ظَهرُه، ورَجَعَت إليه قوَّةُ الشَّباب، فإذا ذهب السَّماعُ عاد إلى حاله (١).

وقال [السُّلَمي: قال] خير: الخوف سَوطُ الله يُقَوِّم به أَنْفُسًا قد (٢) تعوَّدَت سوءَ الأدب، ومتى أساءت الجَوارحُ الأدب فهو من غَفْلَة القلب وظُلْمَة السِّرِّ.

وقال: العملُ الذي يُبَلِّغُ الغايات هو رؤية التَّقصير.

[وحكى عنه في "المناقب" أنَّه] قال: الصَّبرُ من أخلاق الرجال، والرِّضا من أخلاق الكرام.

[قال:] وقال: قصَّ موسى يومًا علي بني إسرائيل فزَعَقَ رجلٌ، فانتَهره موسى، فأوحى الله إليه: يا موسى بحبي باح، وبوجدي صاح، وعلى نفسه ناح، فلم تُنكِرُ على عبادي (٣)؟

ذكر وفاته:

روى الخطيب (٤) عن أبي الحسين المالكي قال: صَحِبتُ خَيرًا سنينَ كثيرةً، ورأيتُ له من كرامات الله ما يَكْثُرُ ذِكرُه غير أنَّه قال [لي قبل وفاته بثمانية أيام: إنِّي أموتُ يوم الخميس وقتَ المغرب، وأُدْفن يوم الجمعة قبل الصلاة، وستنسى فلا تنسى.

قال] أبو الحسين: فأُنسيتُه إلى يوم الجمعة، فلقيني مَن خبَّرني بموته، فخرجتُ لأَحْضُرَ جَنازتَه، فوجدتُ الناسَ راجعين، فذكروا أنَّه يُدفَن بعد الصلاة، فبادَرْتُ ولم


(١) هكذا ورد هذا الخبر، وفيه اختصار مخل، وسياقه عند الخطيب في تاريخ بغداد ٩/ ٣٠٩، وابن خميس في مناقب الأبرار ٢/ ٢٠: قال أحمد بن عطاء: كنت مع خير النساج وهو من شيوخ خالي في السماع، وكان قد احدودب، فكان إذا سمع السماع قام ظهره، ورجعت قوته كالشاب الطلق، فإذا غاب عن الوجود عاد إلى حاله.
(٢) في (ف م ١): أنفسنا إذا، والمثبت من (خ)، والخبر في طبقات الصوفية ٣٢٥، ومناقب الأبرار ٢/ ١٨.
(٣) مناقب الأبرار ٢/ ١٧، ١٨.
(٤) في (خ): قال أبو الحسين المالكي، والمثبت من (ف م ١)، والخبر في تاريخ بغداد ٢/ ٣٨١.