للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وفيها عمر الأشرف مسجد جراح بظاهر باب الصَّغير.

وقدم رسول الإنبرور معه هدايا، فيها دبّ أبيض، وشعره مثل شعر السَّبُع، ينزل البحر، فيصعد السَّمك، ثم يأكله، ومعه طاووس أبيض.

وفيها توفي

أتابك شهاب الدين طُغْريل (١)

عتيق الملك الظَّاهر، صاحب حلب.

كان صالحًا، عفيفًا، زاهدًا، عابدًا، [صحبني مدة، وأنزلني الخانكاة التي بناها بظاهر حلب على باب الأربعين عند القناة، وكان يبيت دائمًا عندي أول قدومي الشام من سنة ست مئة إلى سنة ست وست مئة، وكان] (٢) كثيرَ الصَّدقات والإحسان، يقسم الليل أثلاثًا: [الثلث] (٢) الأول يجري فيه حديث الصَّالحين، وأحوال النَّاس ومحاسنهم، وينام الثُّلُث الأوسط، ويحيي الثُّلُث الأخير قراءةً وصلاةً وبكاء، وكان واسطة خير عند الظَّاهر، ويحبُّ الصَّالحين ويزورهم، ولما توفي الظَّاهر قام بأمر العزيز ولده أحسن قيام، واستمال الأشرف، فحفظ عليه البلاد، ودفع عنهم الأعادي [والحساد] (٢)، ولما استعاد الأشرف تل باشر دفعها إليه، وقال: تكون هذه برسم صدقاتك، وما يمونك من المغارم، فإنَّك تكره أن تتصرف في أموال الصَّغير، فنقل إليها من الأموال والذخائر كل نفيس، وكان قد طَهَّرَ حلب من الفجور والفِسْق والخمور والمكوس، وكان الأشرف يقول [لي] (٢): إن كان لله في الأرض وليٌّ فهو هذا الخادم الذي فعل ما عَجَزَ عنه الفحول.

فلما ترعرع الملك العزيز [بن الظَّاهر] (٢) في سنة تسعٍ وعشرين [وست مئة] (٢) تحدَّث عليه أقوام قصدوا أذى أتابك، وقالوا: قد رضيتَ لنفسك أَنْ تكون تحت حَجْر


(١) له ترجمة في "التكملة" للمنذري: ٣/ ٣٥٥، و"فيات الأعيان": ٧/ ١٠٠، و"تاريخ الإسلام" للذهبي: (وفيات سنة ٦٣١ هـ)، و"العبر": ٥/ ١٢٥، و"الوافي بالوفيات": ١٦/ ٤٥٧ - ٤٥٨، و"النجوم الزاهرة": ٦/ ٦٨٦، و"شذرات الذهب": ٥/ ١٤٥.
(٢) ما بين حاصرتين من (ش).