للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وحكي عنه أنه رأى رجلًا وكان يُسمَّى الإسكندر، وكان كثير الهزيمة، فقال له: إمّا أن تغير اسمَك، وإما أن تغيّر شعلَك.

ذكر وفاته وسِنِّه

مَلَك وهو ابن إحدى وعشرين سنة، وتوفي وهو ابن إحدى وثلاثين سنة (١)، فكان مُلكُه عشر سنين، وقيل: ثلاثَ عشرةَ سنةً، وقيل: أربع عشرة سنةً أو ستَّ عشرة سنة، بمقدار مُلك دارا بن دارا الذي قتله الإسكندر، وكان قتلُه لدارا في السنة الثالثة من ملكه. وتُوفِّي بشَهْرَ زُور، وقيل: بنَصِيبينَ، وقيل: ببابل، والأول أصحُّ.

وقال هارون بن المأمون: دخل الظلمات مما يلي القطب الشمالي، فسار فيها ثمانية عشرَ يومًا، ثم رجع إلى العراق، فاحتُضر، فأوصى أن يُحمل إلى أمه في تابوتٍ من ذهب، فطُلي بالأطلية المُمْسِكَة لذاته وأجزائه، وكانت أمه بالإسكندرية، وكتب إليها أيضًا كتابًا يعزيها بنفسه، فتلقته في نساء المملكة باكيةً حزينةً تقول: إن فقدتُ من ولدي أمره فما فقد قلبي ذكره.

وقيل: إنه أوصى إلى أرسطاطاليس: أنه إذا مات يُجعل في تابوت من ذهب، ويتكلَّم الحكماء عليه، كما فُعل بذي القرنين.

فتولاه أرسطاطاليس بنفسه، وجمع الحكماء وقال: ليتكلم كلُّ واحد منكم بكلام يكون للخاصة معزِّيًا، وللعامة واعظًا. فقاموا وأحدقوا بالتابوت، فقال الأول: أصبح مستأسرُ الأسرى أسيرًا (٢).

وقال الثاني: ما أزهد الناس في هذا الجسد، وأرغبهم في هذا التابوت.

وقال الثالث: من العجب أن القوي قد غُلب، والضعفاءَ لاهون.

وقال الرابع: أيها الساعي الحريصُ، جمعتَ ما خذلك عند الاحتياج إليه، فعاد مغناه لغيرك، ووبالُه عليك.


(١) في تاريخ الطبري ١/ ٥٧٨، ومروج الذهب ٢/ ٢٥٧، والتنبيه والإشراف ص ١١٤، والمنتظم ١/ ٤٢٨ أن عمره حين توفي كان ستًا وثلاثين سنة.
(٢) في مروج الذهب ٢/ ٢٥٢: أصبح آسر الأسرى أسيرًا.