للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والطيور في رؤوس الجبال، وفيه يقول أبو طالب: [من الطويل]

ونطعمُ حتَّى يأكل الطيرُ فَضْلَنا … إذا جُعِلت أيدي المُفيضين تُرْعِد

ورفض في آخر عمره عبادة الأصنام، ووحد الله، وسن سننًا كثيرة نزل القرآن بأكثرها، وجاءت السنة من رسول الله بها، فمنها: الوفاء بالنذر، ومئة من الإبل في الدية، ولا تنكح ذات محرم، ولا تؤتَى البيوت من ظهورها، وقطع يد السارق، والنهي عن قتل الموءودة، وتحريم الخمر والزنا والحد عليه، ولم يشرب الخمر، وسن أن لا يطوف بالبيت عُرْيان، ولا ينفقون في الحج إلا من طَيِّب أموالهم، وإضافة الضيف، وتعظيم الأشهر الحرم إلى غير ذلك (١).

ودخل دَغْفَل النَّسابةُ على معاوية بن أبي سفيان، وكان من المُعَمَّرِين، فقال له: من رأيت من عِلْيَة قريش؟ فقال: عبد المطلب وأمية بن عبد شمس، فقال: صفهما، فقال: كان عبد المطلب أبيض بضًّا مديد القامة، حسن الوجه، شديد العارضة، في جبينه نور النبوة، وعِزُّ المُلْك، يطيف به عشرة من بنيه كأنهم أُسْدُ غاب، قال: فَصِف لي أميَّة؟ فقال: رأيته شيخًا قصيرًا أعمى، نحيف الجسم، يقوده عبده ذكوان، فقال معاوية: مَهْ، ذلك ابنه عمرو؟ فقال دَغْفَل: هذا شيء أحدثتموه أنتم، فأما الَّذي رأيت أنا فقد أخبرتك.

[ذكر وفاة عبد المطلب]

توفي في السنة الثامنة من مولد النبي .

سئل رسول الله : أتذكر يوم وفاته؟ قال: "نعم، كانَ ذَلكَ وأَنا ابنُ ثمانِ سِنينَ" (٢).

وقال مَخرَمة بن نوفل الزهري: توفي عبد المطلب وقد قاربتُ عشرين سنة، وإن أمي رُقَيقَةُ بنت أبي صيفي لتقول لي: شق ثوبك على خالك، فمن تستبقيه بعده. ونظرت إلى نساء بني عبد مناف قد جززن شعورهن (٣).


(١) انظر "تاريخ اليعقوبي" ٢/ ١٠.
(٢) أخرجه أبو نعيم في "دلائل النبوة" ١/ ٥١، وانظر "الطبقات الكبرى" ١/ ٩٧.
(٣) انظر "أنساب الأشراف" ١/ ٩٦.