للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[السنة التاسعة والأربعون بعد المئتين]

فيها في أول صفر منها شغبَ الجندُ والشاكريّة ببغداد، وله سببان؛ أحدهما: مقتل عمر بن عبيد الله الأقطع، وعلي بن يحيى الأرمني، فإنَّهما قُتِلا ببلاد الروم مجاهدَين، واستيلاءُ الترك بعد قتل المتوكِّل على بغداد، وقتلهم من أرادوا قتلَه من الخلفاء، ونصبهم من أرادوا نصبه منهم، وأخذهم ما أرادوا من الحريم والأولاد والأموال من غير نظرٍ في مصالح المسلمين.

اجتمعت العامَّة بالصراخ، ونادوا: النفير النفير، وانضمَّت إليهم الأبناءُ والشاكريَّة، وطلبوا أرزاقَهم، وفتحوا السجون، وأخرجوا من فيها، وأحرقوا جسر بغداد، وانتهبوا الدواوين، وقطعوا الأوراق التي فيها الحساب، ورموها في دِجْلة، وانتهبوا دور الكتَّاب من النصارى، وأخرجَ أهلُ بغداد أموالًا كثيرةً؛ قوَّوا بها من نهضَ لحربِ الروم (١).

وفي ربيع الآخر (٢) شغبت العامَّةُ بسر من رأى يومَ الجمعة (٣)، وفتحوا السجون وأخرجوا من فيها، وركبَ التركُ ووصيف وبُغَا وأوتامش، فقتلوا من العامةِ جماعةً، ورُمي وصيف بحجر فشجَّه، وقيل: بقدرٍ، فأمرَ بإحراقِ الحوانيت والأسواق، فأُحرقت، واحترقت منازلُ الناس.

وقتل أوتامش وكاتبه شجاع في ربيع الآخر، فاستوزرَ المستعينُ أبا صالح عبدَ الله بن محمد بن يزداد، وولى وصيفًا الأهواز، وولى بُغَا الصغير فلسطين، ثم غضب بغا الصغير على عبد الله (٤) بن محمد بن يزداد، فهرب إلى بغداد، واستوزرَ المستعينُ محمد بن الفضل الجَرْجَرائي، وولى على ديوان الرسائل سعيد بن حُميد، فقال الحمدونيّ: [من الرمل]


(١) تاريخ الطبري ٩/ ٢٦١ - ٢٦٢، والمنتظم ١٢/ ٢٠، والكامل ٧/ ١٢١ - ١٢٢.
(٢) كذا في (خ) و (ف)، وفي تاريخ الطبري ٩/ ٢٦٢، والمتظم ١٢/ ٢٠، والكامل ٧/ ١٢٢: ربيع الأول.
(٣) في المصادر: وثب نفر من الناس لا يُدْرى من هم يوم الجمعة بسامراء.
(٤) في (خ) و (ف): وعلي بن عبد الله. وهو تصحيف. والتصويب من تاريخ الطبري.