أبو الطاهر بن أبي الجِنّ، الشريف، كان عالمًا فاضلًا ديِّنًا، قرأ القرآن، وسمع الحديث، ولمَّا دخل عسكر بدر الجمالي دمشق هرب منها إلى عمان البلقاء، فغدر به بدر بن حازم، وكان الشريف قد أطلق أباه حازمًا من خزانة البنود، وقد ذكرناه.
وقال محمد بن هلال الصابئ: لمَّا خرج الشريف وبازرطغان من دمشق يريدان مصر أشار عليه بازرطغان بأن لا يظهر بعمان البلقاء، لأن بها بدر بن حازم، وأن يسير في الليل، فلم يقبَلْ، وسار بازرطغان إلى حِلة بدر بن حازم، وقال: جئناك لتذمَّ لنا ولمن معنا. فقال: ومن معكم؟ قالوا: الشريف ابن أبي الجن. فقال: قد ذمَّ الله لكم إلا الشريف، فإنه لا بُدَّ من حمله إلى أمير المؤمنين. وسار إليه، وقبض عليه، ومضى به إلى عكا، فباعه بذهبٍ وخِلَعٍ وإقطاع، فأركبه أمير الجيوش جملًا، وقتله أقبحَ قتلة، ثم سلخ جلده. وقيل: سلخه حيًّا وصلبه، ولعن أهلُ الشام بدرَ بنَ حازم والعربَ، وقالوا: ما هذه عادتهم، ولقد كان الشريف من أهل الديانة والصيانة والعفة والأمانة، مُحِبًّا لأهل العلم واصطناع المعروف.