فيها قَدِمَ القاسمُ بنُ سيما من غزوهِ الصائفة بالرّوم، ومعه خَلْقٌ من الأسارى، وخمسون عِلْجًا قد شُهِّروا على الجمال، وبأيديهم أعلامُ الروم، عليها صلبانُ الذَّهب والفِضَّة.
وفيها فُلِجَ القاضي عبد الله بن أبي الشَّوارب، قال [طلحة بن] محمد بن جعفر: لم يزلْ عبد الله بن علي بن [محمد بن] عبد الملك بن أبي الشَّوارب على القضاء بالجانب الشَّرقيِّ من بغداد وعلى الكَرْخ أيضًا من شهر ربيع الأوَّل سنة ستٍّ وتسعين ومئتين إلى أن ضربه الفالجُ فأُسكت، فاستخلف ابنَه محمدًا على عمله كلِّه، وذلك في يوم الخميس لاثنتي عشرة ليلة بقيت من جمادى الأولى أو الآخرة، سنة ثمانٍ وتسعين ومئتين.
وكان محمد جميلًا، واسعَ الأخلاق، ولم يكن فيه خشونة، فاضطربت الأمورُ بنظره، ولُبِّست عليه في أكثر أحواله، ولم يزلْ على خلافة أبيه إلى سنة إحدى وثلاث مئة، فتوفي فيها (١).
وفي ربيع الأول دخل مؤنس الخادم وبين يديه الليث بنُ عليٍّ مشهورًا مغلولًا.
وفيها قدم الحسين بن حمدان من قُم إلى بغداد، فخلع عليه المقتدر وولَّاه ديارَ بكر [وربيعة، وكانت الروم قد وصلت إلى ديار بكر]، واستولت على بعض الحصون.
وقيل: إنَّ في هذه السَّنة قبض المقتدر على وزيره ابنِ الفرات، وقيل: في السَّنة الآتية لما نذكره إن شاء الله تعالى.
وفي ربيعٍ الآخر مات محمد بن عَمْرَويه بآمِد، [قال ثابت بن سنان:] فَحُمِل تابوتُه إلى بغداد، ودُفن في شارع القَحاطِبة.
وفي شعبان مات صافي الحُرَمي، وقُلِّد مكانه مؤنس الخادم، واستخلف على الحرم
(١) تاريخ بغداد ١١/ ١٧٩، والمنتظم ١٣/ ١٠٥ - ١٠٦ وما بين معكوفين منهما، وهذا الخبر ليس في (ف م ١).