للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عيسى: هذا توفير من حامد لا يجوز تركه، فإن ضمنتَ هذه النواحى ضمَّنتُك، فقال: أنا كاتب، ولست بضامن ولا عامل، وحامد أولى بالضمان لأنه يليق به، وأنا فقد عَمَرتُ البلاد، ورَفَقْتُ بالرعية، وقد تناهت عمارة البلاد على يدي، وسوف ترى، فضمَّنها حامدًا بما بذل.

وخرج حامد إلى الأهواز، وصادر العمال، وبسط يده في عذاب الرعية، وضاقت النَّفقات على المقتدر، وشَغَب الجند، وغلت الأسعار، فأشرفت بغداد على الهَلاك والخَراب، والدولة على الزَّوال، ووردت الكتب من الأهواز وغيرها يسبون حامدًا، ويدعون لعلي بن عيسى.

وحج بالناس أحمد بن العباس بن محمد بن عيسى بن سليمان بن محمد بن إبراهيم الإمام، ويعرف بأخي أم موسى القهرمانة.

[فصل] وفيها توفي

[علي بن سهل]

ابن الأزْهَر، أبو الحسن، الأصفهاني.

كان سيدًا فاضلًا، من أبناء الدنيا المُتْرَفين، فتزهّد وخرج عما كان فيه، وكان من أحسن الناس إشارة، وكان يكاتب الجنيد فيقول الجنيد: ما أشبه كلامه بكلام الملائكة.

[وقال السُّلمي:] كان يقيم أيامًا لا يأكل ويقول: الشوق قد استولى عليَّ فألهاني عن الأكل.

وقال: المُبادرة إلى الطاعات من علامات التوفيق، والتقاعد عن المخالفات من علامة حُسن الرِّعاية، ومُراعاةُ الأسرار من علامات التَّيقُّظ، وإظهار الدَّعاوى من رُعونات البشرية، ومَن لم تَصحّ مبادئ إرادته لا يسلم في منتهى عواقبه.

[وقال أبو نعيم الأصفهاني: سمعت أبي وغيره من أصحاب ابن سهل يقولون:] كان علي يقول لأصحابه دائمًا: أتظنّون موتي يكون بإعلال وأسقام؟! لا إنما هو دعاء وإجابة، أُدعى فاجيب، فكان يومًا قاعدًا في جماعة فقال: لبيك، ووقع ميتًا (١).


(١) أخبار أصبهان ٢/ ١٤، وطبقات الصوفية ص ٢٣٣، ومناقب الأبرار ١/ ٤٤٠، المنتظم ١٣/ ١٩٢، وصفة الصفوة ٤/ ٨٥.