للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكان شجاعًا، ديِّنًا، ورعًا، صالحًا. أسند عن الشعبي وغيره، وروى عنه سفيانُ الثوري وغيره.

وسُئل الإمام أحمد رحمةُ الله عليه عنه فقال: ثقة ثقة، وقيل لابن معين: أثقة هو؟ قال: نعم، أوثقُ من أساطين الجامع (١).

رابعةُ العَدَوية

البصريةُ، الزاهدة، كانت مولاةً لآل عتيك، وكان سفياد الثوريُّ وأقرانُه يتأدَّبون بها.

وقال جعفر بن سليمان: أخذ سفيانُ الثوري بيدي وقال: مُر بنا إلى المؤدِّبة التي لا أجدُ من أستريح إليه سواها، فدخلنا عليها، فرفع سفيانُ يديه وقال: اللهمَّ إني أسألُك السلامة، فبكت رابعةُ، فقال لها: ما يُبكيك؟ فقالت: أنتَ عرَّضتني للبكاء. قال: وكيف؟ قالت: أما علمتَ أن السلامةَ من الدنيا تركُ ما فيها؟ فكيف وأنتَ متلطِّخ؟

وقال عبد الله بنُ عيسى: دخلتُ على رابعة فوجدتها جالسةً، فجعلتُ أسمع وَقْعَ دموعها على البَوَاري (٢) مثل وَكْفِ المطر: طَقْ طَقْ، ثم اضطربتْ وصاحتْ، فقمنا وخرجنا.

وقال رياح القَيسيّ: احتاجت رابعةُ، فقيل لها: ألا تسألين أهلك يغيّرون من زيك؟ فبكت وقالت: وعزة ربي ما سألتُ الدنيا قط يملكها، فكيف أسألُها ممن لا يملكها؟

وقال لها رجل: ادعي لي، فقالت. من أنا؟ أطِعْ ربَّك وادْعُه؛ فإنه يجيب المضطرَّ إذا دعاه.

ودخل عليها بن عبد العزيز (٣) وكِلاب بن جُريّ، فتذاكروا بين يديها الدنيا،


= أصله من الكوفة، ثم تحول فسكن بغداد قبل أن تبني وتسكن، وكانت ببغداد لهشام بن عبد الملك وغيره من الخلفاء خمس مئة فارس رابطة يغيرون على الخوارج إذا خرجوا في ناحيتهم قبل أن يضعف أمرهم.
(١) ترجمته في طبقات ابن سعد ٩/ ٣٢٣، وتاريخ بغداد ٧/ ١٧٤ - ١٧٧، والمنتظم ٧/ ٣٢٦ - ٣٢٧.
(٢) البواري جمع بُوري: وهو الحصير المنسوج، وقد يكون من القصب. اللسان: (بور).
(٣) في صفة الصفوة ٤/ ٢٨: صالح بن عبد الجليل، وهو الصواب.