كتاب مرآة الزمان في تواريخ الأعيان

السنة الثامنة والخمسون بعد المئتين - أحمد بن الفرات بن خالد - ج: 15 - ص: 397

هذا الشيخ الصالح، فإن كانت له حاجةٌ فاقضها، قال: فأحضرته وقلت: إنَّ الأمير قد أعفاكَ من أمر الضيعة، وهو يعترض حوائجَك، فقال: هذا الفعل وما لي حاجةٌ إليه (١).

وقال أحمد بن بُدَيل: بعث إليَّ المعتزُّ، فأتيتُ بابَه، فقال الحاجب: يا شيخ [نعليك] (٢)، فلم ألتفت، ودخلتُ الباب الثاني، فقال الحاجب: نعلك، فلم ألتفت، ودخلتُ الثالث، فقال الحاجب: نعليك، فقلت: فأنا بالواد المقدس طُوى فأخلع نعلي؟! ثمَّ دخلتُ على المعتزّ، فأكرمني وأجلسني على مُصَلَّاة وقال: أتعبناكَ يا أبا جعفر، فقلت: نعم أتعبتني وذعرتني (٣)، فكيف بك إذا سُئِلت عنِّي؟ فقال: ما أردنا إلا الخير، أردنا أن نسمعَ العلم، فقال: وقلت: وتسمع العلم أيضًا؟ ألا جئتني؟ فإنَّ العلمَ يؤتَى ولا يأتي، فقال: حدِّث، فأمليتُ عليه حديثين أسخنَ الله بهما عينيه، أمَّا الأول فقوله ﷺ: "من استُرعيَ رعيةً فلم يَحُطْها بالنصيحة، حرَّم الله عليه الجنَّة"، والثاني: "ما من أمير عشرة إلَّا يؤتَى به يوم القيامة مَغْلولًا" (٤).

سمعَ حَفْصَ بن غياث وغيره، وحدَّث عنه عليُّ بن عيسى الوزير وغيره، وكتبَ عنه أبو حاتم الرازي، وقال: محلُّه الصدق (٥).

[أحمد بن الفرات بن خالد]

أبو مسعود الرازيّ الأصفهانيُّ الحافظ، أحدُ الأئمَّة الثقات، ذكره أبو نعيم في الطبقة السابعة وأثنى عليه (٦).

وقال الخطيب: هو من كبار الأئمة، سافر الكثير؛ إلى البصرة، والكوفة، والحجاز، واليمن، والشام، ومصر، ولقي العلماء، وقدمَ بغداد في أيَّام الإمام أحمد

---

(١) كذا، وفي تاريخ بغداد ٥/ ٨٣، والمنتظم ١٢/ ١٣٨: قال: هذا الفعل أحفطُ لنعمته، وما لي حاجة إلا إدرار رزقي، فإنّه تأخر منذ شهور، وأضرني ذلك. قال: فأطلقتُ له جَارِيَهُ.
(٢) ما بين حاصرتين من تاريخ بغداد ٥/ ٨٣، والمنتظم ١٢/ ١٣٩.
(٣) في (خ) و (ف): ودعوتني. والمثبت من المنتظم ١٢/ ١٣٩. وفي تاريخ بغداد ٥/ ٨٤: وأذعرتني.
(٤) تاريخ بغداد ٥/ ٨٣ - ٨٤، والمنتظم ١٢/ ١٣٩ - ١٤٠، والحديث الأول أخرجه البخاري (٧١٥٠)، ومسلم (١٤٢)، وأحمد (٢٠٢٩١) من حديث معقل بن يسار، والحديث الثاني أخرجه أحمد (٩٥٧٣) من حديث أبي هريرة ﵁.
(٥) قوله: محله الصدق. هو من قول عبد الرحمن ابن أبي حاتم. انظر تاريخ بغداد ٥/ ٨١.
(٦) ذكر أخبار أصبهان ١/ ٨٢. وترجمته لم ترد في (ب).