للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عبد الواحد بن نصر (١)

ابن محمَّد بن عبيد الله بن عمر بن الحارث بن المطلب المخزومي، أبو الفرج، الببَّغاء [كذا نسبه الخطيب، وقال الحافظ ابن عساكر: أصله من نَصيبين، قدم دمشق غير مرة، وله أشعارٌ يصف فيها دير مُرَّان ودمشق، وأوقاته فيهما، وإنما سُمِّي الببَّغاء] للَثْغةٍ كانت في لسانه، [وكان أديبًا، فاضلًا، شاعرًا، مجيدًا، كاتبًا، مترسِّلًا، مدح الأمراء والفُضلاء والأكابر والعلماء وغيرهم].

قال الثعالبي: كان نجمَ الآفاق، وشمَّامَة الشام والعراق، وظَرفَ الظَّرف، وينبوعَ اللُّطْف، وأوحدَ زمانه في النظم والنثر، ومن شعره - قالوا: وكان أميًّا لا يُحسن الكتابة، وهذا عجيب -: [من الوافر]

أكُلُّ وميضِ بارقةٍ كذوبُ … أما في الدَّهرِ شيءٌ لا يُريبُ

تشابَهتِ الطِّباعُ فلا دنيٌّ … يحِنُّ إلى الثناءِ ولا لبيبُ

وشاعَ البخلُ في الأشياءِ حتَّى … يكادُ يَشِحُّ بالريحِ الهبوبُ

وكيفَ أخُصُّ باسمِ العيبِ شيئًا … وأكثرُ (٢) ما نُشاهِدُهُ مَعيبُ

وقال: وكتب بها إلى عميد الجيوش: [من المتقارب]

سألتُ زماني بمن أستغيثُ … فقال استَغِثْ بعميدِ الجيوشِ

فناديتُ ما لي بهِ حرمةٌ … فجاوبَ حُوشيتَ مِنْ ذا وحُوشي

رجاؤكَ إيَّاه يُدنيكَ منهُ … ولو كانَ بالصِّينِ أو بالعريشِ

نَبَتْ بيَ دارٌ وفَرَّ العبيدُ … وأودَتْ ثيابي وبِعْتُ فروشي

وكنتُ أُلقَّبُ بالببَّغاءِ … قديمًا فَقدْ مَزَّقَ الدَّهْرُ ريشي

وكانَ غذائي نقيُّ الأرُزِّ … فها أنا مقتَنِعٌ بالحشيشِ

وكتب إليه أبو إسحاق إبراهيم بن هلال الصابئ من الحبس وقد زاره في محبسه فقال: [من الطويل]


(١) تاريخ بغداد ١١/ ١١، وتاريخ دمشق ٤٤/ ٤٧ - ٥٥ (طبعة مجمع اللغة العربية)، ويتيمة الدهر ١/ ٢٩٣ - ٣٣١، والمنتظم ١٥/ ٦٤ - ٦٦. وينظر السير ١٧/ ٩١.
(٢) في (خ): وأكره، والمثبت من (ب).