للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وحكى من شاهد من وصل بوله إلى وجهه وفيه آثار الحريق كأنه جدري، فسئل عنه فقال: قصدني فصعدت شجرة ارتفاعها خمسون ذراعًا، فبال من الأرض فأصاب بوله بعض وجهي، فهذا أثره.

وهذا الحيوان يهرب من الكَرْكدن كما يهرب منه الفيل، والفيل يهرب من السِّنور.

وقال الجاحظ: وملك الزنج يسمَّى: فليمين (١)، ومعناه ابن الرَّبِّ الأكبر. وقيل: إنما يسمُّون الرَّبَّ الأكبر مكلنجو، وهو الأعظم عندهم. ومتى ظلم ملكهم أو تعدَّى حدًّا قتلوه وأقاموا غيره، لأنهم يقولون: ما أقامه الربُّ الأكبر إلا ليقيم العدل، فإذا جار لم يكن ابنَ الرَّب، ويحرمون أولاده المُلْك.

وقال الهيثم بن عدي: ومن أولاد حام النُّوبة ومنازلهم على نيل مصر متَّصلة بديار القبط من أرض الصَّعيد ومدينتهم يقال لها: دُنْقُلَة، هي دار الملك. والبَجَاة منازلهم بين القُلْزُم وأعلى الصَّعيد، وعندهم معادن الذهب والفضَّة وغيرها، ويغيرون على النجائب فيسبون ويقتلون.

ومن أولاد حام الحبشة وملكهم النجاشي، ومدينته يقال لها: كعبر، وهي مملكة واسعة متصلة ببلاد المشرق في مقابلة إليمن، وجزيرة الدَّهْلَك مجاورتهم، وفيها جماعة من المسلمين تحت الذِّمة. وبين ساحل الحبشة وساحل زَبِيد ثلاثة أيام، ومن هذا المكان عبرت الحبشة إلى اليمن في المراكب حين ملكوا اليمن أيام أصحاب الأخدود، وهو أضيق مكان في البحر، ومنه عبر جعفر بن أبي طالب والمسلمون، وقيل: إنما ركب المسلمون من جدَّة إلى الحبشة. وفي ساحل بحر الحبشة عند المعبر مدينة كبيرة للحبشة يقال لها: غلافقة (٢) منها تقع التعدية إلى اليمن.

[فصل في يافث وأولاده]

وكان يافث أصغر ولد نوح، وذكر أبو حنيفة الدِّينوري في "الأخبار الطّوال" وقال: كان أولاد يافث سبعة إخوة مثل أولاد سام وحام، وهم: ترك وخزر وصقلاب وتاريس ومنسك وكماري والصِّين، فأخذوا ما بين المشرق والشمال (٣).


(١) في (ب): "فيلمن"، وانظر مروج الذهب ٣/ ٥ - ٦، ١١ - ١٣، ٢٩ - ٣١.
(٢) في (ب) و (ل): أولاقفة، والمثبت من مروج الذهب ٣/ ٣٤.
(٣) "الأخبار الطوال" ص ٢.