للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يوسف بن أيوب بن يوسف (١)

أبو يعقوب (٢)، الهمَذَاني.

نزل مَرْو، وقَدِمَ بغداد [بعد الستين وأربع مئة] (٣)، وتفقه على أبي إسحاق الشّيرازي وسمع المشايخ، وعاد إلى مرْو، وتشاغل بعلم المعاملات وتربية المريدين، ثم قدم بغداد سنة ستٍّ وخمس مئة، وَوَعَظَ بها، فقام إليه ابنُ السَّقَّاء، فآذاه، فقال له: اقعد، فكأَنِّي أَشُمُّ من فِيك رائحة الكُفْر. فاتَّفق أَنَّ ابنَ السَّقَّاء خَرَجَ إلى الرُّوم، فتنصَّر، [وقد ذكرناه] (٣)، وكانت وفاتُه بقريةٍ من قرى هرآة، [ولما قدم بغداد سمع الخطيب، وابن المهتدي، وغيرهم] (٣)، وكان صالحًا ثقة.

قلت (٤): كان صاحب هذه الترجمة عظيم الشَّأن، أحد أركانِ الإسلام، انتهت إليه تربيةُ المريدين بخُراسان، واجتمع عنده بخانقاته من العُلَماء والصُّلَحاء جماعةٌ، وانتفعوا بكلامه، وتخرَّجوا بصُحْبته، وكان المشايخ يعظِّمون قَدره، وله كلام حسنٌ على لسان أهل الحقيقة (٥). وقال إبراهيم بن علي الجُوَيني (٦): أخبرنا أبي، قال: سمعتُ أبي يقول: كان الهمَذَانيُّ يومًا يتكلَّم على النَّاس، فقال له فقيهان كانا في مجلسه: اسكت، فإنما أنتَ مُبْتدع، فقال لهما: اسكتا لا عشتما. فماتا مكانهما (٧).


(١) له ترجمة في "الأنساب": ٢/ ٣٣٠ - ٣٣١، و"المنتظم": ٩/ ١٧١، و ١٠/ ٩٤ - ٩٥، و"صفوة الصفوة": ٤/ ٧٩ - ٨٠، و"اللباب": ١/ ١٦٨، و"الكامل": ١١/ ٨٠، و"وفيات الأعيان": ٧/ ٧٨ - ٨١، و"سير أعلام النبلاء": ٢٠/ ٦٦ - ٦٩، وفيه تتمة مصادر ترجمته.
(٢) في (ع): أبو يوسف، وفي (م) و (ش): ابن يعقوب، والمثبت من (خ)، وهو الصواب.
(٣) ما بين حاصرتين من (م) و (ش).
(٤) هذا القول حتى نهايته في (ع) و (ح) فحسب، ولم يرد في (م) و (منش)، وقائله هو مختصر "مرآة الزمان" قطب الدين اليونيني.
(٥) ساق الشعراني بعض أقواله في "طبقاته": ١/ ١١٧، ويبدو أن المصدر الذي ينقل عنه الشعراني هو المصدر نفسه الذي أخذ منه اليونيني، والله أعلم.
(٦) في "طبقات الشعراني": ١/ ١١٧: إبراهيم بن الحوفي، ولم أقف على ترجمته ولا ترجمة أبيه.
(٧) أليست هذه القصة هي تحريف مغالٍ لتلك القصة التي أوردها سبط ابن الجوزي في حوادث سنة (٥٠٦ هـ) ناقلًا لها عن جده في "المنتظم": ٩/ ١٧١، وهي أن ابني أبي بكر الشاشي قال له: إن كنت تتكلم على مذهب الأشعري، وإلا فلا تتكلم. فقال: اجلسا لا متعكما الله بشبابكما. فماتا ولم يبلغا الشيخوخة. وقد أوردها =