للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

استعان به على المسير إلى بغداد، ونزل إلى باب المراتب، ومعه ستة من أولاده، وعاد محيا إلى الينبع، وملك مكة والأشراف.

وفي يوم السبت تاسع عشر (١) ذي الحجة جلس الخليفة واستدعى ابنَ جَهير، ووصل إليه، وخلع عليه لحاف سقلاطون، ودَرَّاعة مُصْمَت، وعمامةَ قصب مُذْهَبة حراقية، وأُعطي دَواةً من الصندل مُحلَّاةً، وخاطبه بالجميل، واحتفل له في جلوسه مثلَ ما يحتفل الملوك، وحمل على بغلة بمركب مُحلَّى، وقُرئ عهدُه بالوزارة قائمًا، وأول ما فتح الدَّواة [كتب] (٢) بمئة دينار صدقة، وكان في عهده بعد حمد الله تعالى والصلاة على سيدنا محمد : وبعد، فإن أمير المؤمنين حين عَدِمَ الكُفاة بحضرته، المُرْتضين لخدمته، وتحقَّق ما عليه ابنُ جَهير من صحة الدين، وخلوص المعتقد واليقين، وما يأوي إليه من الكفاية والعفاف، والتنزُّه عن كل ما يُذمّ من الخلال ويُعاف، وكملت فيه الأوصاف، والأدوات التي جمعت بين كل سجية رضية، وصفة مرضية استوجبت أناتَه، أفضل مراتب الخُلصاء، وأوجه منازل الأصفياء، فقلَّده الوزارة، وخصَّه من الطَّول ما يُعلي منارَه، وعوَّل عليه في الوساطة بينه وبين رعيته، وخاصته وعامته، وأمره بتقوى الله، وذكر ما يُذكر في العهود، ولُقِّب فخرَ الدولة شرفَ الوزراء.

وفي ذي الحجة كثرت الأراجيف بموت طُغْرُلْبَك بأرمية، واختلط الناس ببغداد، ثم ورد الخبر بأنه عُوفي، واستدعى السفن إلى تكريت؛ لتنزل في الماء إلى بغداد.

وفيها تُوفِّي

إبراهيم بن العباس (٣)

ابن الحسن بن العباس بن الحسن بن الحسين بن أبي الجِنّ، أبو الحسين، القاضي، الشريف، مستخص الدولة، ولي القضاء والخطابة بدمشق في أيام المستنصر نيابةً عن قاضي القضاة أبي محمد القاسم بن عبد العزيز بن محمد بن النعمان.


(١) في (ف): تاسع.
(٢) ما بين حاصرتين من (ف).
(٣) تاريخ دمشق ٦/ ٢٥٢.