المسلمون أموالَهم، واستشهد جماعة من المسلمين نذكر أعيانهم في آخر السنة. وكانت الوقعة في ذي القعدة قبل فتح دمشق، وفيها يقول القعقاع بن عمرو:[من الكامل]:
كم من أبٍ لي قد وَرثتُ فعالَه … جَمِّ المكارم بحرُهُ تَيَّارُ
وَرث المكارم عن أبيه وجدِّه … فبنى بناءهمُ له استبصارُ
وغداة فِحْل قد رَأَوني مُعلمًا … والخيلُ تَنْحطُ والبَلا أطوارُ
ما زالت الخيلُ العِرابُ تَدوسُهم … في جوف فِحْل والهبا مَوَّارُ
حتى رَمَيْنَ سراتَهم عن أسرهم … في رَدْغَةٍ ما بعدها استِمرارُ (١)
ذكرُ فتوح دمشق ومرج الصُّفَّر
قال سيف: وسار أبو عبيدة والمسلمون إلى دمشق، فخرج إليهم ماهان قريبًا من دمشق، فقاتلهم فهزموه، فدخل دمشقَ.
وقال الواقدي: سار أبو عبيدة نحو دمشق فنزل بمرج الصُّفَّر، واجتمعت الروم إلى ماهان فخرج بهم إلى المرج، واقتتلوا قتالًا شديدًا، وانهزمت الروم، فدخلوا دمشقَ فتحصّنوا بها، وقُتل بمرج الصُّفَّر جماعةٌ من المسلمين نذكرُهم في آخر السنة.
ثم سار المسلمون فنزلوا على دمشق، وبَثُّوا الخَيْلَ ما بين دمشق وحمص، وقطعوا الموادَّ عنها، ونصبوا عليها المجانيق، وجَدُّوا في القتال، وفرَّقَ أبو عبيدة الأُمراء على الأبوابِ: فنزل خالدٌ على باب الجابية، ويزيدُ بن أبي سفيان على باب الصغير، وأبو عبيدة على الباب الشرقي، ونزل أبو الدرداءِ ببَرْزَةَ في جماعةٍ من المسلمين.
وجَدُّوا في القتال ستّين ليلةً، فوهن الرومُ وضَعُفوا، وانقطعت المواد عنهم، واتَّفق أنه وُلدَ لبطريقٍ ولدٌ، فأكلوا في الليلِ وشَرِبوا، وغَفلوا عن مواقفهم، ولم يعلم بهم إلا خالدٌ لأَنه كان يتعرَّفُ أخبارَهم، وكان قد عمل حبالًا مثلَ السلالمِ، واتَّفق مع القعقاع ابن عمرو ومذعور بن عديّ على أنَّهم يتسلَّقون في الحبالِ، وأرسل إلى يزيد بن أبي سفيان وأبي عبيدة وقال: إذا سمعتُم التكبير فاقصدوا الأبواب. وتسلَّق خالد ومَن معه
(١) تاريخ دمشق ١/ ٢٣٩ (مخطوط)، ومعجم البلدان (فحل) ٤/ ٢٣٧.