للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال الهيثم: انقطع رجلٌ إلى عبيد الله، فألحقه بحَشَمه وخاصّته، فبطر وكفر النعمة، وسعى به إلى زياد بن أبيه (١)، وبلغ عبيد الله ففكّر ساعة، فقيل له: فيم تفكّر؟ فقال: أخاف أن أكون قَصَّرتُ في حقه في الإحسان، فحمله ذلك على مَساوئ أخلاقه.

ذكر وفاته:

قد ذكرنا ما جرى على جيشه من الضّائقة [والجهد والقتل، فيقال: إنه] لما وصل إلى بُسْت مات كَمدًا، وقيل: [إنه] اشتكى أُذُنه فمات [في هذه السنة].

أسند الحديث عن أبيه، وعلي ، وروى عنه ثابت ابنُه، وابن سيرين، وغيرهما.

وقال ابن سعد: كان ثقةً قليلَ الحديث (٢).

ورثاه شعراء عصره، ويقال: مات بزَرَنْج من أعمال بُسْت.

قال مجاهد المقرئ: [من الكامل]

إن الجَوادَ إذا الرِّياحُ تَناوَحَتْ … بزَرَنْجَ أصبحَ ما يُثَمِّرُ مالا

لو صاحب السُّمَحاءَ كعبٌ ذو النَّدى … أو حاتمٌ كانوا (٣) عليه عِيالا

أو طلحةُ الطَّلحاتِ في عِدَّانه … أيامَ يُطعم ما تَهبُّ شمالا

ما أكبرَ الأُمراء في سُلطانه … وأشدّهم رأيًا خُلِقْتَ ثِمالا (٤)

قد طال ما سُسْتَ الجنودَ فلم تكن … نَزِقًا تُسيء بهم ولا تِنْبالا

قد فُقْتَ بالمِصرَيْن كلَّ سَمَيدَعٍ … وغلَبْتَ مَن نزلَ الحجازَ فِعالا

والشام لو قاسوا به سُمحاءَهم … لسبَقْتَ حَلْبَتَهم معًا أمْيَالا

[فصل: وفيها توفي]

[العلاء بن زياد]

ابن مَطَر بن شُرَيح العَدَويّ، من بني عديّ بن عبد مَناة من مضر، وهو من الطبقة الثانية من التابعين من أهل البصرة، وكان من العُبَّاد الخائفين.


(١) في "المنتظم" ٦/ ٢٢١، والخبر السابق فيه: فسعى به إلى عبيد الله بن زياد
(٢) انظر "طبقات ابن سعد" ٩/ ١٨٩.
(٣) في "أنساب الأشراف" ١/ ٥٩٦: لو صاحب السمحاء كعبًا ذا الندى أو حاتمًا كانا.
(٤) في "أنساب الأشراف": يا أكرم الأمراء في سلطانه وأقلهم كبرًا … وهو الأشبه. وقوله: ثِمَالا، أي: ملجأً وغياثًا.