للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[وحكى أبو نُعيم الأصفهاني قال: تعبَّد العلاء، فكان يأكل في كل ليلة رغيفين]، وترك مجالسة الناس فلم يكن يجالس أحدًا، كان يخرج إلى المسجد فيصلّي، ويرجع إلى أهله، فاجتمع إخوانه: أنس بن مالك والحسن البصري والناس، فدخلوا عليه وقالوا: رحمك الله، أهلكتَ نفسَك، وهو ساكت، فلما فرغوا من كلامهم قال: إنما أتَذَلَّل لله تعالى لعله يَرحَمُني (١).

[وقال ابن أبي الدنيا بإسناده عن] حُميد بن هلال (٢) قال: دخلت مع الحسن على العلاء بن زياد نعوده وقد سَلَّه الحُزن، وكانت له أخت يُقال لها: شادة، تَندف القطن تحته غُدوةً وعشية، فقال له الحسن: كيف أنت يا علاء؟ فقال: واحُزناه على الحُزن، فقال الحسن: قوموا، فإلى هذا [والله] انتهى استقلالُ الحزن.

[وقال عبد الله بن الإمام أحمد بإسناده، عن هشام بن زياد؛ أخي العلاء بن زياد] قال: كان أخي العلاءُ يُحيي كلَّ ليلة جمعة، فوجد فترة، فأتاه آتٍ في منامه فجذب بناصيته وقال: قم يا ابن زياد فاذكُر الله يَذكُرك [قال:] فقام، فما زالت تلك الشّعرات التي أُخِذ بها قائمة إلى أن مات.

وقال قتادة: كان زياد العدويّ قد بكى حتى عَمِي، وبكى ابنُه العلاء حتى عَشِيَ بصَرُه، وكان إذا أراد أن يتكلّم أو يقرأ أَجْهشَه البكاء (٣).

[وروى أبو نعيم الحافظ] عن هشام بن حسّان العدويّ قال: تجهز رجل من أهل الشام يريد الحج، فأتاه آتٍ في منامه فقال: ائتِ العراق، ثم ائتِ البصرة فبَشِّر العلاء بنَ زياد بالجنة.

فتجهّز الرجل بعد أن رأى المنامَ ثلاثًا، فرحل إلى البصرة، فدخل على العلاء فبَشّره برؤياه، ثم خرج من وقته، وركب وسار من البصرة، فأقام العلاء سبعة أيام يبكي ليلًا


(١) "حلية الأولياء" ٢/ ٢٤٣، و"صفة الصفوة" ٣/ ٢٥٣، وما بين معكوفين من (ص).
(٢) الخبر في "حلية الأولياء" ٢/ ٢٤٢ عن أبي بكر القطيعي، عن عبد الله بن أحمد بن حنبل، عن أبيه، عن المبارك بن فضالة، عن حميد بن هلال، وأورده ابن الجوزي في "الصفوة" ٣/ ٢٥٣. وما بين معكوفين من (ص).
(٣) "الحلية" ٢/ ٢٤٤، و"صفة الصفوة" ٣/ ٢٥٤.