للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فقال كسرى: قد فَهمتُ ما نَطق به خطباؤكم، وتَفنَّن فيه متكلِّمُوكم، وإني لأكره أن أَجْبَهَ وُفودِي، وأُحنِقَ صُدورَهم، وقد قَبلتُ ما كان في مَنطقكم من صوابٍ، وصَفحتُ عمّا كان فيه من خللٍ، فانصرفوا إلى مَلككم، والزَموا طاعتَه، وأَحسنوا مؤازَرَتَه. ثم وَصَلهم وسَرّحهم.

وأقام النعمان واليًا على الحيرة ثلاثين سنةً. وكان له ابنتان: هند التي ذكرناها، وحُرَقَة بنتُ النعمان، وهي التي دخلت على سعد بن أبي وقاص في فتوح القادسية.

[فصل]

ولما قَتل أبرويز النعمانَ بن المنذر ولَّى على الحيرة إياس بنَ قَبيصة الطائيّ، فأقام تسع سنين، ومات بعَين التَّمر، وفيه يقول زيد الخيل: [من الطويل]

فإن يكُ ربُّ العينِ خَلَّى مكانَه. . . فكلُّ نعيمٍ لا مَحالةَ زائلُ (١)

ثم قُتل أبرويز وولي شيرويه، وجاء الإسلامُ.

فهؤلاء المشهورون من ملوك الحيرة، ومدّةُ أيّامهم أربع مئة سنةٍ، وقيل: ست مئةٍ، وقيل: ملك منهم ثلاثون مَلِكًا.

[فصل]

وحكى المَدائنيُّ أن الرابعَ من ملوك الحيرة الحارثُ بنُ عمرو، جدُّ امرئ القَيس ابن حُجْرٍ بن الحارث الكنديِّ، ولَّاه قباذ. ومَلَّك الحارثُ ابنَه حُجْرًا على بني أَسدٍ، وكان يأخُذُ منهم شيئًا معلومًا، فعَصَوه، فسار إليهم، فقتل سَرَواتهم بالعصا، فسُقُوا عَبيدَ العصا، وأَسر منهم جماعةَ، منهم عَبيد بنُ الأبرص الشاعر، ثم عفا عنهم ورَدَّهم إلى بلادهم.

وعَمرو بنُ الحارث هذا يقال له: ابن حُجْر آكلِ المُرار بن عَمرو بن معاوية بن الحارث الأكبر بن معاوية بن ثور بن مُرَتعٍ (٢) بن معاوية بن كندة بن ثور. وإنما سُمِّي


(١) ديوانه ص ٨٢، والمعارف ص ٦٥٠.
(٢) في (خ) و (ك): ريع، والمثبت من (ب)، هذا والاختلاف في سياق النسب كبير، انظر طبقات فحول=