الملك، فاستدعاه إلى أصفهان، وبعث كتابًا إلى ابن مَزْيَد وأبي فراس بن وَرَّام بالمسير إلى نجدةِ ابنِ جَهير بالعسكر الَّذي كان مع سعد الدولة، فسارا، وحشد مسلم بن قريش لنصرة ابن مروان، وسار فنزل في الحَدِّ بينه وبين ميَّافارقين، وكتب إلى السلطان يقول: هؤلاء القوم أعداؤنا، ومتى وَطِئوا بلادَنا وقعت الفتن، وابن مروان فعبد طائع سامع، وهو يحمل من المال ما يطلب منه.
وفي ذي الحجة ورد الخبر بأنَّ فخر الدولة ابن جَهير أخذ بلاد خلاط والقلعة وقبض على أصحاب ابن مروان، وحصل في هذه السنة من الأمن والرُّخص ما لم يُعهد؛ تسير القوافل من جَيحون إلى الشام والتجار بالأموال العظيمة والأمتعة بلا خفير ولا رفيق على الاجتماع والانفراد، ولا يُؤخَذُ لأحد عقال.
وأما الرُّخْص فبلغ كُرُّ الحنطة ببغداد عشرَ دنانير بعد ثمانين دينارًا، والشعير بخمسة دنانير بعد خمسين، واللحم ثمانون رطلًا بدينار، والسمك مئة رطل بثلاثة قراريط، وعلى هذا الفواكه جميعها.
وحصل بعض السَّوادية في بلد الحِلَّة كارة شعير ليبتاع بها كحلًا لمولود فلم يُعْطَ بها شيئًا، فرمى بها في النهر، وقال: ما أعمل بما لا يصلح ثمنًا لكحل مولود.
وحجَّ بالناس خُمارتِكِين الحسَّاني.
وفيها تُوفِّي
إبراهيم بن علي بن يوسف (١)
الفَيروزآبادي، أبو إسحاق، الشيرازي، الإمام، الشافعي، ولد سنة ثلاث وتسعين وثلاث مئة، وتفقَّه بفارس على أبي الفرج بن البيضاوي، وببغداد على أبي الطيب الطبري، وبالبصرة أيضًا، وسمع الحديث، وقدم بغداد سنة خمس عشرة وأربع مئة، وكان يعيد الدروس في ابتدائه مئة مرة، وإذا كان في المسألة بيتٌ يستشهد به حفظ القصيدةَ كلَّها لأجله، وصنَّف الكُتُبَ الحِسان:"المهذب"، و"التنبيه" و"النكت في
(١) تبين كذب المفتري ص ٢٧٦ - ٢٧٨، والأنساب ٩/ ٣٦١ - ٣٦٢، والمنتظم ١٦/ ٢٢٨ - ٢٣١، وصفة الصفوة ٤/ ٦٦ - ٦٧. وتنظر بقية المصادر في السير ١٨/ ٤٥٢.