للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فلمَّا عقلتُ أمري علمتُ أنِّي لا أقوم بما قلَّدني، ولا أصلحُ للخلافة على المسلمين، فمن كانت لي في عنقه بيعةٌ فهو في حل من نقضِها، وأبرأتُه منها، ولا عقدَ لي ولا عهد في رقابِهم، وهم بُرَآء من ذلك.

وكان القارئُ للكتاب أحمد بن الخصيب الوزير، ثمَّ قام كلُّ واحدٍ منهما قائمًا، وقال لمن حضر: هذه رقعتي وقولي، فاشهدوا عليَّ، فشهدُوا، ولما فرغَ قال لهما المنتصر: قد خارَ الله لكما وللمسلمين، ثم قام فدخل، وتفرق الناس، ونفذت الكتبُ إلى الآفاق بذلك.

وفيها حكمَ محمد بن عمر الخارجي (١) بناحية الموصل، ومال إليه خلق كثير، فبعث إليه المنتصرُ إسحاق بن ثابت الفَرْغَاني، فاقتتلوا فقتل من أصحاب إسحاق جماعة، ثم ظهر عليهم، فأخذ محمد أسيرًا، وقدمَ به على المنتصر مع جماعةٍ من أصحابه، فقُتِلوا وصلبُوا إلى جانب خشبة بابك.

وفيها قويت شوكةُ يعقوب الصفَّار، واستولَى على معظمِ خُراسان، وسارَ من سجستان فنزل هَرَاة، واجتمعَ إليه خلقٌ كثير، وفرَّق فيهم الأموال، فأراد المنتصرُ أن يرسل إليه الجيوش، فأدركتهُ المنيَّةُ، واستُخْلِفَ أحمد بن محمد المعتصم.

الباب الثاني عشر في خلافة المستعين أحمد بن المعتصم (٢)

وكنيته أبو العباس، وقيل: أبو عبد الله، وأمُّه أمُّ ولدٍ يقال لها: مُخَارق الصِّقِلِّيَّة، تزوَّجها


(١) كذا في (خ) و (ف) وتاريخ الإسلام ٥/ ٩٩٠، وفي تاريخ الطبري ٩/ ٢٥٥: محمد بن عمرو الشاري. وفي المنتظم ١٢/ ٥: محمد بن عمر الشاري. وفي الكامل ٧/ ١٢٠: محمد بن عمرو.
(٢) كذا قال المصنف، فجعل المستعين ابن المعتصم، ومثله عند الذهبي في سير أعلام النبلاء ١٢/ ٤٦، وتاريخ الإسلام ٥/ ٩٩٠، والصفدي في الوافي بالوفيات ٨/ ٩٣، والسيوطي في تاريخ الخلفاء ص ٣٥٨، والصواب أنه حفيد المعتصم، واسمه أحمد بن محمد الأكبر بن محمد المعتصم، كما صرح بذلك ابن حزم في جمهرة أنساب العرب ص ٢٥، وانظر المعارف لابن قتيبة ص ٣٩٣، وتاريخ اليعقوبي ٢/ ٤٩٤، وتاريخ الطبري ٩/ ٢٥٦، ومروج الذهب ٧/ ٣٢٣، وتاريخ بغداد ٦/ ٢٥٥، والمنتظم ١٢/ ٦. وقال ابن الأثير في الكامل ٧/ ١١٨: ذكر ابن مسكويه في كتاب تجارب الأمم أن المستعين أخو المتوكل لأبيه، وليس هو كذلك، إنما هو ولد أخيه محمد بن المعتصم، والله أعلم.
وقد ذكر المصنف في ترجمة المعتصم عند ذكر أولاده المستعينَ في أولاد المعتصم ثم قال: في المستعين نظر فإن كتب المؤرخين تنطق بأنه ابن ابنه.