للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[السنة الخامسة وثلاث مئة]

[و] فيها قدمت رُسُلُ ملك الروم إلى بغداد على طريق الفرات بهدايا [عظيمة] وتُحَف.

واختلفت الروايات فيها، فقال ثابت بن سنان: ورد رسولان [لملك الروم على طريق الفرات] بهدايا عظيمةٍ، وألطافٍ كثيرة، يلتمسان الهُدنة، فأقاما بهِيت (١) مُدَّةً حتَّى استُؤذِن لهما، فدخلا بغداد يوم الإثنين لليلتين خلتا من المحرم، فأُنزلا في الدار المعروفة بصاعد بن مَخْلَد، وحُمل إليهما ما يحتاجان إليه من سائر الآلات والأواني، وأقيمت لهما الأنزال والضيافاتُ، والتمسَا الوصولَ على المقتدر؛ ليبلغا الرسالة [التي معهما]، فأُعلِما أنَّ ذلك [متعذِّر] لا يمكن إلا بعد لقاء الوزير، [وتقرير الأمر معه]، وهو يخاطبُ الخليفة، فأُرسلا إلى الوزير، فجلسَ لهما واحتفل، وأقام غلمانَه ومماليكَه والعساكرَ في طريقهما، وفرشَ داره -وتعرف بدار البستان- وعَلَّق فيها من السُّتور ما يساوي ثلاثينَ ألف دينار، وجلس مجلسًا لم يجلسه وزير، والخدمُ بين يديه وخلفه، [و] القوَّاد والأولياء عن يمينه وشماله، ودخل عليه الرسولان، وأحدُهما شيخٌ قد نيَّفَ على السبعين، والآخر [شاب له] نحو من أربعين سنة، فشاهدا من الجَمْع (٢) والفَرْشِ والسُّتُور والزينة ما هالهما، وكان معهما أبو عمر بن عبد الباقي يترجمُ لهما، فذكرا ما وصلا بسببِه من الفداء والصلح، وسألاه أن يسألَ المقتدر [في] ذلك، فوعدهما [أن يخاطب الخليفة] (٣) وخرجا [من عنده على تلك الحال].

ثم خاطب المقتدر [فيهما]، فأجابه إلى إحضارهما [وما سألا]، وتقدَّم بأن تُشحن رحابُ الدار والدهاليز والممرَّات بالرجال والسلاح، وأن تفرشَ سائرُ القصور بأحسنِ الفرش، ثمَّ [أمر بإحضار الرسولين، فأحضرا] (٤)، والمقتدرُ [جالسٌ] على سرير، والأولياء على مراتبهم، وأبو الحسن بن الفرات قائم بالقرب منه، ومؤنس الخادم


(١) في تاريخ بغداد ١/ ٤١٩ أنهما احتبسا شهرًا بتكريت.
(٢) في (م ١): الجميع.
(٣) في (خ): بمخاطبته. والمثبت من (ف) و (م ١).
(٤) ما بين حاصرتين من (ف) و (م ١) وفي (خ): ثم أحضرا.