للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

السُّكون أولى. ثم قال: امْضِ إليه فستجِدهُ قاعدًا في بيت كتبه وعلى وجه الكتب مجلَّدةٌ حمراءُ صغيرةٌ فيها أشعار الحسين بن منصور الحلَّاج، فاحمِلْها إليَّ، ولا تقُلْ له شيئًا. قال: فجئتُ إليه وهو جالسٌ على ما ذكر الدقَّاق، فلمَّا قعدتُ قال: بعضُ الناس يُنكِرُ على بعض العلماء حركتَه في السماع، فرؤي ذلكَ المُنكِرُ وهو يدورُ في بيتِه كالمتواجد، فقيل له في ذلك، فقال: وقعتُ في مسألةٍ مشكلةٍ، ثم تبيَّن لي معناها، فلم أتمالكْ من السرور حتى قمتُ ودُرْتُ. قال القُشيري: فتحيَّرتُ في أمري عند سماع كلامِه، وقلتُ: الصِّدقُ أنجى، فقلت له: إنَّ الشيخ أبا علي أمرني بكذا وبكذا، فأخرج إليَّ كتابًا من تصانيف الحلَّاج اسمه "الصَّيهور في نقض الدهور"، وقال: احمِلْ إليه هذا، وهذه المجلَّدةُ أنا محتاجٌ إليها لأنقُلَ منها أبياتًا إلى مصنَّفاتي.

وقد أجمع العلماءُ على صِدْقِ أبي عبد الرحمن السُّلمي وفضلِه وثقتِه وزهدِه وورعِه، حتى إنَّ الحاكم أبا عبد الله كان يقول: إن لم يكُنْ أبو عبد الرحمن من الأبدال فليس لله في الأرض وليٌّ. ولم يتكلَّم فيه غير محمد بن يوسف، وذلك من قِبَلِ الحسد، ولا يُقبَلُ منه.

محمد بن عمر (١)

أبو بكر، العنبري، تُوفِّي ببغداد يوم الخميس ثاني عشر جمادى الأولى، من شعره: [من مجزوء الكامل]

إنِّي نظرتُ إلى الزما … نِ وأهلِهِ نظرًا كفاني

فعرَفْتُهُ وعرفْتُهُمْ … وعرَفْتُ عِزِّي من هواني

فلذاكَ أطَّرِحُ الصَّديـ … قَ فلا أراهُ ولا يراني

وزهدتُ فيما في يَدَي … ــــهِ ودونَه نيلُ الأماني

فتعجَّبوا لمقالِهِ (٢) … وهَبَ الأقاصي للأداني

وانْسَلَّ من بين الزِّحا … مِ فمالهُ في الخلقِ ثاني


(١) المنتظم ١٥/ ١٤٨.
(٢) كذا في (خ) وتاريخ بغداد والمنتظم، وفي البداية والنهاية ١٥/ ٥٨٩: لمغالبٍ.