للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بُنان بن محمَّد بن حَمدان

أبو الحسن، الزَّاهد، ويُعرف بالحمَّال (١).

أصلُه من واسط، ونشأ ببغداد وسمع الحديثَ بها، ثم انتقل إلى مصر فأقام بها حتَّى مات.

وكان من جِلَّة المشايخ الورعين، الآمرين بالمعروف والنَّاهين عن المنكر، وله المقامات والكرامات، وكان لا يقبل عطيَّةَ السلطان، ويُضرَب المثلُ بعبادته وزُهده وورعه.

قال: لقيتُ امرأةً بطريق مكة وقد حملتُ زادًا على ظهري، فقالت: أَنْتَ حمَّال تحمل الزاد على ظهرك وتتوهَّمُ أنَّه لا يَرزُقُك؟! فرميتُ ما كان على ظهري، ومشيتُ ثلاثة أيامٍ لم آكل، فلقيتُ في الطريق خَلْخالًا من ذهب، فقلتُ في نفسي: أحملُه حتَّى يجيءَ صاحبُه فآخذ منه شيئًا وأعطيه إيَّاه، فعارضتْني تلك المرأة وقالت: أَنْتَ تاجرٌ تقول في نفسك كذا وكذا، ثم رَمَت إليَّ بدراهم وقالت: يَا قليلَ اليقين، أنفقها إلى مصر، فسمِّيتُ الحمَّال لهذا.

وأنكر على ابن طولون، فأمر به أن يُلقى بين يدي السَّبُع، قال: فجعل يَشمُّه ولا يضرُّه، فلما خرج قيل له: ما الذي كان في قلبك حيث شمَّكَ السبع؟ قال: كنتُ أتفكَّر في سُؤر السباع ولُعابها، واختلاف العلماء في نجاسة سُؤرها وطهارته.

وقال [عمر بن] محمَّد بن عِراك: إن رجلًا كان له على رجل وثيقةٌ بمئة دينار، فطلبها فلم يجدها، فجاء إلى بُنان فسأله الدعاء وقال: مالي غيرها، فقال له كان: أنا أحبُّ الحَلوى، فاذهب فاشترِ لي حلوى في قِرطاس، وجاءه بها، فقال له: افتح القِرطَاس. ففتحه، فإذا هو الوثيقة، فقال لبنان: هذه والله وثيقتي! قال: خذها وخُذِ المعقود فأطعِمْه صبيانك، فقال: وأنت؟ فقال: لا حاجةَ لي فيه (٢).


(١) طبقات الصوفية ٢٩١، حلية الأولياء ١٠/ ٣٢٤، تاريخ بغداد ٧/ ٥٩١، الرسالة القشيرية ١٠٣، المنتظم ١٣/ ٢٧٣، صفة الصفوة ٢/ ٤٤٨، مناقب الأبرار ١/ ٤٨٤، السير ١٤/ ٤٨٨، تاريخ الإِسلام ٧/ ٣٠٢.
(٢) تاريخ بغداد ٧/ ٥٩٣، والمنتظم ١٣/ ٤٧٤، وصفة الصفوة ٢/ ٤٥٠، وما بين معكوفين منها.