قال: ﴿فَقَالَ أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى﴾ [النازعات: ٢٤]، وإبليس قال: ﴿أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ﴾ [الأعراف: ١٢] قال: ولما خرج بنو إسرائيل وأغرق الله فرعون، قال أناس: إن فرعون لم يغرق، فقذفه البحر على نجوة منه، وهي المكان المرتفع، ومنه قوله تعالى: ﴿فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً﴾ [يونس: ٩٢] فلما ارتفع على النجوة قالوا: لم يكن إلهًا، ولو لم يرتفع لقالوا: إنه إله. قال الحسن: فمن هناك أن الغريق يقف على رأس الماء.
وذكر مقاتل في "المبتدأ" له وقال: كان جبريل قد وقف لفرعون بمصر في زيّ فقير ومعه رقعة، فاستغاث إليه فقال: ما الذي بك؟ فقال: اشتريت عبدًا وخوَّلته، وكان صغيرًا فربيته وأحسنتُ تربيته، وحكَّمتُهُ في رزقي ومالي، وهو الآن يأنف أن يعترف لي بالعبودية، وقد عصاني وتمرَّد عليَّ وجحد نعمتي، فقال فرعون: ولا يستحيي منك! فقال: لا، هو خبيث، فما حكمك فيه أيها الملك؟ فقال: تأخذ بيديه ورجليه وتلقيه في بحر القلْزُم، فقال: اكتبْ لي خطَّك بهذا، فكتب له على رأس الورقة، فلما كان يوم البحر جاءه جبريل في صورة ذاك الفقير ومعه القصة فقال له: خذ هذه القصة، فظنه بعضَ أصحابه، فقال: ليس هذا وقتَهُ، فقال له جبريل: بلى يا خبيث، أنسيتَ يوم كذا وكذا؟ ففهم المقصود. قال ابن عباس: فذلك قوله تعالى: ﴿منه فَرَقْنَا بِكُمُ الْبَحْرَ فَأَنْجَيْنَاكُمْ﴾ [البقرة: ٥٠] الآية، وانقضت أيام فرعون.
وقال قتادة: ملك مصر من أول العالم إلى ولادة المسيح اثنان وثلاثون فرعونًا، وكلُّ مَن ملكها يسمى فرعون، كما أن قيصر ملك الروم، وكسرى ملك الفرس. وقد ملكها جماعة من الروم واليونان والعمالقة وغيرهم، وسنذكرهم. (١)
[فصل في تاريخ خروج بني إسرائيل من مصر]
قد ذكرنا أن يعقوب دخل إلى مصر وولده، وهم اثنان وسبعون إنسانًا ما بين ذكر وأنثى، وخرجوا منها مع موسى وهم ست مئة ألف مقاتل سوى الهَرْمَى والزمنى، فكان المجموع من الذرية ألف ألف ومئتي ألف.
(١) وقع في المطبوع بعد هذا ما نصه: فإن قيل: فلم أرسله إلى فرعون بعصا قلنا: لأنه كان حمارًا، لأنه جحد نعم الله عليه. اهـ. وهي زيادة وضعها الدكتور إحسان عباس بين معقوفين، وحقها أن تذكر أول قصة موسى ﵇.