للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بفعالها، واللهِ ما ترشَّحت لها في السِّرّ، ولا أشرتُ إليها في الجهر، فإن كان إنَّما حبسني لأنِّي أصلح لها، فليس ذلك بذنبٍ جنيتُه فأتوبَ منه، ولا تطاولتُ له فأحطَّ نفسي عنه، وإن كان قصد أن أخرجَ له من حدِّ العلم إلى الجهل، أو من الدِّين إلى ضدِّه، فذلك أمر لا يقتضيه العقلُ والحزم، وإن كان عاقبني على نسبي وحسبي ومحبَّة الناسِ لي، فذلك أمرٌ لا أقدر على زواله، واللهِ لو أردتُها لأَعجلته عن التفكير، ولَشغلته عن التدبير.

وتوفِّي عبدُ الملك بالرقَّة.

[أبو معاوية]

محمَّد بن خازم الضرير، مولى بني عَمرو بنِ سعد بن زيد مناة التَّميمي [الكوفي السَّعدي، وذكره ابنُ سعد] (١) في الطبقة السابعةِ من أهل الكوفة.

[وقال الخطيب:] وُلد سنةَ ثلاثَ عشرةَ ومئة، وذهب بصرُه وله أربعُ سنين، فأقام أهلُه عليه مأتمًا (٢).

و [حكى عنه أيضًا] (٣) قال: حَجَجْتُ مع جدِّي لأمِّي وأنا غلام، فرآني أعرابيّ، فقال لجدِّي: ما يكون هذا الغلامُ منك؟ فقال: ابني، فقال: ليس بابنك، فقال: ابنُ بنتي، فقال: صدقت، ولَيكوننَّ له شأنٌ من الشأن، وليطأنَّ بقدميه هاتين بساطَ الملوك.

[قال:] فلمَّا قدم هارونُ بعث إلي، فلمَّا دخلت عليه، ذكرت قولَ الأعرابي، فأقبلت ألتمس برجلي البساط، فقال هارون: لم تفعلِ هذا؟ فحدَّثته الحديث، فأُعجب به. قال: وحرَّكني شيء، فقلت: يا أميرَ المؤمنين، أحتاج إلى الخلاء، فقال للأمين والمأمون: خذا بيد عمّكما فأرياه الموضع، فأخذا بيدي فأَدخلاني الخلاء، فشممت رائحةً طيِّبة، فقالا: يا أبا معاوية، هذا الموضعُ فشأنك، فقضيت حاجتي [وكان


(١) في طبقاته ٨/ ٥١٥، وما بين حاصرتين من (ب)، وانظر في ترجمته: تاريخ بغداد ٣/ ١٣٤، وتهذيب الكمال، والمنتظم ١٠/ ٢١، وتاريخ الإِسلام ٤/ ١٢٦٧، والسير ٩/ ٧٣.
(٢) تاريخ بغداد ٣/ ١٣٤ - ١٣٥. وما بين حاصرتين من (ب).
(٣) ٣/ ١٣٥.